مارونايت - على مقاعد التكميليّة الثقافيّة، وقبل اعوام من ان تصبح ثانويّة، تعرّفت على ذاك الصبي المناضل، وبفكرة بعض المربّين آنذاك الصبيّ الضائع. عانى ما عاناه من هول الحرب الاهلية، حمل السلاح باكرا وتهوّر واضاع الهدف... لماذا؟ انا كنت ايضا من بيت عمل بالسّياسة من خلال الاحزاب وحملت السلاح بتوصية والد ناضل مع شباب المنطقة، زرت وتعايشت وتأقلمت مع صيحات المقاومين، اذكر الكثير واحتفظ بالكثير، حملت سلاحا اكبر مني حجما وتباهيت امام رفاقي بانّي قدّمت القهوة للمقاتلين... افترقنا مع نهاية العام الدراسي وكل واحد انتقى الثانوية التي منها انطلقنا للتعرف اكثر على العمل الحزبي النضالي والحربي الشريف.. لم اعد اسمع عن ذاك الشاب الحنون، صاحب القلب الذهبي ايّة اخبار... في تلك المرحلة التكميلية تعلمنا ولعبنا، تبادلنا الخبرات الصبيانية وتنافسنا بخجل امام بنات الصف وواجهنا اساتذة حاولوا تنقية افكارنا علّنا نتناسى الحرب الوسخة. كنا في تلك الفترة مسيحيين ومسلمين، ما اختلفنا يوما على مذهب او طائفة، حتى من شهود يهوه كان بيننا... حسن، علي، محمد، امين، بسام، ناجي، نعمة، شارل، ديب، طوني، رومانوس، جوزيف، رولان، تانيا، فداء، ندى وغيرهم... افترقنا وزادت حدة المعارك، وزادت مساحات الوطن الصغير فاصبحنا غرباء عن انفسنا وعن الله... كبرنا وصغرت الساحات اما المسافات فاصبحت بعيدة جدّا.. منّا من هاجر ومنّا من ناضل والآخر قد رحل... تعلّمنا وتخرّجنا، عشقنا وتزوّجنا، ومرّت السنون وانتشرنا كما الكثير من اللبنانيين. نجحنا وكبرنا وعشنا الحياة بصعوباتها واهوانها، عوائلنا كبرت وشبابنا في المهجر يذكرون لبنان دومًا، امّا بغصّة المشتاق او بلهفة الزّائر المتحمّس... وبفورة المواقع الثائرة والمسمّاة بالتواصل الاجتماعي، عدت والتقيت بالعديد من الرفاق والاقارب والاصدقاء، نوافذ ومنابر حرّية للبعض وصفحات حبّ وحزن ومزاح للبعض الآخر... اطلّيت من غربتي لاعانق شاكرا كثيرين، حالما، فرحا، معاتبا ولكن بمحبّة صادقة وبشغف ابحث لالتقي بالآخرين... وفي يوم من الايام كتبت لاميّ في عرسها، فحملها صديقي لصديقه، وصديقه صار صديقي، وبدأت بقراءة صفحات جريدته الجريئة، فبدأت اتلذّذ بكلمات صادقة قرّبتي لذاتي واعادتني لحضن آمن هجّرته من داخلي الايام والظّروف... ومن فترة قليلة، ولا اعلم كيف لم اتنبّه قبلا لذلك الوجه ولاسم صاحبه، كاتب تلك الكلمات التي كانت تسحرني وتنقلني بالايمان لاتقرّب اكثر من روح الله، فأسأل صديقي، هل تعرف هذا الكاهن وهل لديك رقمه وهل يمكنك ان تعطيني إيّاه؟.. وقد حصل، وبفرحة لا توصف إتّصلت... وإذ بي ألتقي من جديد بذلك "الصّبيّ المناضل" لأتعرّف على الاب شارل كسّاب، رفيق المقاعد الدراسيّة ليكون بلسم جروحي الروحيّة. شكرا جورج يونس، شكرا الفرد بارود، شكرا يللا ماغازين... بقلم نعمه حنّا
0 Comments
Leave a Reply. |
صفحة الخطاب الحرّ على موقع مارونايت نيوز، تنشر مقالات لأصحاب رأي، وهي لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو مواقفه. وتبقى حريّة التعبير هي الأساس، والمناقشة الفكرية البعيدة عن الغرائز هي المبتغى
Archives
April 2023
|