مارونايت - إستقبل غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي قبل ظهر اليوم الثلاثاء 25 حزيران 2019، في الصرح البطريركي في بكركي، سفيرة تشيكيا في لبنان ميكاييلا فرانكوفا التي سلمته دعوة من رئيس اساقفة براغ الكردينال دومينيك دوكا لزيارة المدينة. واشارت ميكاييلا الى ان اللقاء تخلله "بحث في العلاقات الثنائية بين البلدين وضرورة تعزيزها ولا سيما على الصعيد الكنسي،" لافتة الى ان "براغ ستشهد انعقاد المؤتمر الرابع لحوار الأديان في شهر تشرين الثاني المقبل وهي تفتخر بزيارة غبطة البطريرك الراعي ومشاركته الرئيسية في المؤتمر، والإستماع الى رأيه وتوجيهاته حول الموضوع، سيما وان لبنان هو بلد التعايش بين الأديان بامتياز." بعدها استقبل غبطته الأستاذ الزائر في جامعة تكساس السفير هشام حمدان الذي عرض نقاط ومحاور البحث الذي يقوم به بعنوان "بناء السلم بعد النزاع في لبنان،" وقال حمدان بعد اللقاء:" ان هذا الصرح العريق هو رمز للتلاقي الحضاري في لبنان هذا البلد الصغير في العالم الذي تحول بتعبير رسولي قاله قداسة البابا يوحنا بولس الثاني الى رسالة. لقد قدمت اليوم الى غبطته التعازي بوفاة المثلث الرحمة الكردينال مار نصرالله بطرس صفير وكانت مناسبة تحدثنا في خلالها عن الحضور اللبناني الفعال في المكسيك حيث شغلت مهمة دبلوماسية هناك وحضور القديس شربل اللافت في ضمير المواطن المكسيكي والعلاقة القوية التي تربط المكسيكيين من اصول لبنانية ببلدهم الام لبنان." وتابع حمدان:" سررت بلقاء صاحب الغبطة البطريرك الراعي فهو ضمير لبنان وقلبه، كما انه لا ينطق الا بكلام مفعم بالوطنية للتأكيد على الدور الوطني لهذه الكنيسة العظيمة في حياة ومسيرة لبنان. ونحن ندعم هذا الدور الذي لم يكن يوما الا لبناء وطن لكل ابنائه." هذا وكان غبطة البطريرك قد ترأس صباحا اجتماعا حضره اصحاب الغبطة اعضاء مجلس الرئاسة في مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بطريرك السريان الكاثوليك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان وبطريرك الروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي والمطارنة اعضاء اللجنة الأسقفية المكلفة بملف رابطة كاريتاس لبنان، ورئيس كاريتاس لبنان الأب بول كرم، عرض في خلاله التقرير النهائي للجنة الذي تمت مناقشته. ومساء رعى البطريرك الراعي ندوة اطلاق الترجمة العربية لكتاب كومبنديوم "عقيدة الكنيسة الإجتماعية" بدعوة من الهيئة التنفيذية لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان في اوديتوريوم البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في الصرح البطريركي في بكركي، بحضور البطاركة بطريرك السريان الكاثوليك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، وبطريرك الأرمن الكاثوليك كريكور بدروس العشرين، السفير البابوي في لبنان جوزيف سبيتيري، ولفيف من الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات وفعاليات ثقافية وقضائية واجتماعية ودينية. استهلت الندوة برفع الصلاة تلتها كلمة مدير الندوة المطران جورج بقعوني الذي اشار الى انه منذ "الشؤون الحديثة" التي اصدرها قداسة البابا لاون الثالث عشر والى اليوم قدمت الكنيسة للمجتمع البشري العديد من المؤلفات تتعلق بعقيدة الكنيسة الإجتماعية آخرها ال"كومبنديوم" الذي صدر عن حاضرة الفاتيكان عام 2005 واهتمت بترجمته الى العربية حركة"عدالة ومحبة" تحت اشراف سيادة المطران سمير مظلوم." وكانت مداخلة لعضو حركة عدالة ومحبة الدكتور يوسف كمال الحاج عرض فيها لأهمية كتاب الكومبنديوم ضمن تعاليم الكنيسة مشيرا الى انه في " عام 1999 اطلق البابا القديس يوحنا بولس الثاني فكرة لملمة كل التعاليم الصادرة عن الكنيسة عبر تاريخها حول القضايا الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والثقافية والبيئية والسلامية وهي المعروفة باسم "عقيدة الكنيسة الإجتماعية "من اجل ضمها في كتاب واحد،" وذلك بهدف "اتاحة الفرصة لعمال الأنجلة في القارة الأميركية اي الكاثوليك اكليروسا وعلمانيين كي يفقهوا تعليم الكنيسة الإجتماعي." واوضح الحاج ان "عملية اصدار هذا الكتاب الذي ظهر في العام 2004 باللغتين الإيطالية التي هي الصيغة الأصلية والإنكليزية وهي اول ترجمة لها والذي اهدي الى البابا القديس يوحنا بولس الثاني، استغرقت نحو خمس سنوات من العمل المتواصل. فهو يتألف من خمسمئة صفحة تضم زبدة التراث الكنسي عبر العصور في امور الإجتماع والإقتصاد والسياسة والثقافة والبيئة وبناء السلام وسائر نواحي الحياة الزمنية بدءا بالكتابات الآبائية مرورا بالوثائق المجمعية وانتهاء بالرسائل البابوية العامة وخطب الأحبار والوثائق الصادرة عن مجالس مختلفة في الكرسي الرسولي، واهميته تكمن في ان مطلق مسيحي موكل اليه سلطة عامة يستطيع ان يجد في فصوله ما يثبت مبادئ تفكيره ويوجه مبادراته العملية وينير سلوكيات حياته ويخدم الخير العام في الجماعات السياسية كما في الأسرة البشرية جمعاء. " وختم الحاج:" هذا الكتاب معروض ايضا على غير الكاثوليك وعلى اتباع الديانات الاخرى الراغبين في الإجتهاد معا لخدمة الخير العام،" متمنيا "انتشار مضامين هذا الكتاب لدى اولياء السلطة العامة والمثقفين والناشطين الإجتماعيين من شتى الأديان والمشارب في لبنان وسائر الدول العربية." ثم كانت مداخلة للمطران سمير مظلوم عرض فيها لقصة ترجمة الكتاب الى اللغة العربية التي "ابتدأت في العام 1967 حيث نشر البابا بولس السادس رسالته الشهيرة "ترقي الشعوب" وكانت اول وثيقة حبرية حول هذا التعليم، مرورا بالعام 1991 مع اصدار البابا القديس يوحنا بولس الثاني رسالته المشهورة "السنة المئة" في مناسبة مرور مئة سنة على صدور رسالة لاوون الثالث عشر "الشؤون الحديثة" التي كانت المحفز لتأسيس "حركة عدالة ومحبة " والتي من اهدافها ترجمة ونشر تعليم الكنيسة الإجتماعي. انطلقت هذه الحركة بالترجمة مع احتضانها لفريق عمل متعمق بتعليم الكنيسة لعب دورا اساسيا في ترجمة الكومبنديوم." وتابع مظلوم:" ومع قرار مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بالإتفاق مع المجلس الحبري "عدالة وسلام" نقل هذا الكتاب الى العربية ليتم وضعه بتصرف كل كنائس الشرق الأوسط فاوكلت الينا هذه المهمة وبدأ عمل الحركة في العام 2006 وتركز على ثلاث مراحل زمنية ابتداء من العام 2006 وصولا الى العام 2018 شملت ترجمة النص الأساسي ثم معالجة الحواشي والمسارد واخيرا متابعة العمل التقني والتنسيق مع المطبعة." وختم مظلوم:" وما سردي لهذه التفاصيل سوى للدلالة على اهمية هذا العمل وعلى قيمة هذا الكنز الذي تضعه الكنيسة بين ايدي ابنائها وان يكن اول من تتوجه اليهم هذه الوثيقة هم الأساقفة. واليوم تبدأ الوثيقة مرحلة جديدة هي مرحلة الانتقال من دفتي الكتاب الى حياة الناس والمجتمع وهذه مهمة الكنيسة التي تسعى بتعليمها الإجتماعي الى اعلان الإنجيل وتأوينه في شبكة العلاقات الإجتماعية المتشعبة." وكانت مداخلة ختامية للمطران كيرلس سليم بسترس عن تأوين تعليم الكنيسة الإجتماعي في شرقنا العربي اورد فيها ان "رؤساء بلدان الشرق العربي لا يدركون انهم لا يزالون بعيدين عن تحقيق ابسط قواعد العدالة الاجتماعية. واوجز لتاريخ هذه البلدان التي عاشت تحت تسلط الحكم العثماني الذي استبدل بسلطات محلية تابعت في نهجها النهج التسلطي العثماني. ولم يكن هم الرؤساء خير المواطنين بل الحفاظ على سلطتهم والإستمرار في الحكم. فقامت الثورات ومنها ثورات الربيع العربي الذي اصبح شتاء عاصفا لا تبدو له نهاية قريبة." وعدد بسترس "للإجحاف الذي يلحق بالمواطن من قبل الحكام الذين هم بعيدون عن تطبيق تعليم الكنيسة الإجتماعي في شرقنا العربي ومنها الأجر العادل والعمل المنزلي والبطالة وكرامة الاولاد وحقوقهم والحرية الدينية والبيئة،" موضحا انها "امثلة وردت في كتاب كومبونديوم ويمكن لبلدان الشرق العربي الإفادة منها من اجل رفع الظلم عن مواطنيها العائشين منذ قرون في القهر والذل ومختلف انواع الحرمان." وختم المطران بسترس:" بلداننا في الشرق الأوسط عامة وفي العالم العربي خاصة كثيرة التدين لله لكنها قليلة الإحترام للإنسان ولكن السيد المسيح قد علمنا اننا لن نستطيع الوصول الى الله الا من خلال خدمة الإنسان." وفي الختام القى البطريرك الراعي كلمة قال فيها:" 1. يُسعدني أن ألقي هذه الكلمة بإسم مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، في هذا الاحتفال لإطلاق التّرجمة العربيّة لكتاب " كومبنديوم عقيدة الكنيسة الاجتماعيّة "، الذي تدعو إليه مشكورةً الهيئةُ التّنفيذيّة لمجلس البطاركة والأساقفة. ويَطيب لي أن أُعرب بإسمكم جميعًا وبإسمي عن التّقدير الكبير والشّكر للمجلس الحبريّ "عدالة وسلام" لإصداره هذا الكومبنديوم بحسب رغبة القدّيس البابا يوحنّا بولس الثّاني، و "لحركة عدالة ومحبّة" بشخص رئيسها، سيادة أخينا المطران سمير مظلوم، التي حقّقتْ بإشرافه مشكورةً التّرجمةَ العربيّة. 2. إنّ هذا الكتاب بحدّ ذاته قيمةٌ ثمينةٌ وكنزٌ نفيس، لكونه يجمع بمثابة خلاصةٍ تعليمَ الكنيسة الاجتماعيّ، بطريقةٍ جامعةٍ ومنهجيّة. مضمونه مستمَدٌّ من الكتاب المقدّس، ووثائقِ المجامع المسكونيّة وبخاصّةٍ المجمع الفاتيكاني الثّاني، والرّسائل العامّة الاجتماعيّة للبابوات: من البابا لاوون الثّالث عشر مع رسالته الشّهيرة "الشّؤون الجديدة" سنة 1891 إلى آخر رسالةٍ عامّةٍ إجتماعيّةٍ للقدّيس البابا يوحنّا بولس الثّاني "السّنة المئة" سنة 1991، فضلاً عن نداءاته ورسائله بمناسبة الأيّام العالميّة المتنوّعة، وأخيرًا "كتاب التّعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة". وإنّا نستطيع تسميته "كومبنديوم المحبّة الإجتماعيّة". أمّا إصداره باللّغة العربيّة فيفسح في المجال لأكبر عددٍ ممكنٍ من الأساقفة والكهنة والرّهبان والرّاهبات والعلمانيّين، للحصول عليه وتطبيقه في حياتهم، ولجعله برنامجًا تربويًّا وراعويًّا في الأبرشيّات والرّعايا والمؤسّسات الكنسيّة والرّهبانيّة. 3. الجميع معنيّون به: رعاة الكنيسة، من أجل القيام برسالتهم في خدمة المحبّة الإجتماعيّة وخدمةالإنسان وحقوقه، والشّؤون الاجتماعيّة ومبادئها؛ العائلة، لتحقيق ذاتها كخليّةٍ حيّةٍ للمجتمع؛ العمّال، ليدركوا حقوقهم وواجباتهم؛ الإقتصاديّون والمعنيّون بالقضايا الاجتماعيّة والبيئيّة؛ الجماعة السّياسيّة والأسرة الدّوليّة؛ حكّام الدّول والمؤسّسات الأُمميّة المسؤولة عن تعزيز العدالة والسّلام وحمايتهما بين الدّول وتجنّب الحروب (راجع كومبنديوم، 11 و 12). هذه كلّها المذكورة بالعناوين تشكّل مضمون الكومبنديوم الذي هو أداة لا غنى عنها في يد الأفراد والجماعات. 4. هذا الكومبنديوم، الذي يَنقل إلينا عقيدة الكنيسة الاجتماعيّة، إنّما يضعنا في صميم السّرّ المسيحيّ القائم على أربعة عناصر مترابطةٍ ومتكاملة، وكأنّها الزّوايا الأربع لكلّ بيتٍ وصرح، بحسب ترتيب كتاب التّعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة: العنصر الأوّل هو الإيمان المعلَن في النّؤمن، والمتضمِّن كلّ الحقائق الإيمانيّة التي تُنير العقول والإرادات والقلوب. الثّاني هو الاحتفال به ونقله بواسطة اللّيتورجيّا والأسرار. الثّالث هو المسلك والنّشاط الاجتماعيّ والاقتصاديّ والسّياسيّ المستنير بحقائق الإيمان. والرّابع هو الصّلاة بنتيجة العناصر الثّلاثة السّابقة كإستلهامٍ وتسبيحٍ وشكرٍ واستغفار. 5. إنّ "عقيدة الكنيسة الإجتماعيّة" التي تشكّل العنصر الثّالث في تكوين السّرّ المسيحيّ، شأنٌ أساسيٌّ في حياة كلّ مؤمنٍ ومؤمنة، لأنّ الإيمان المحتفَل به، إذا لم يتجسّد في الأعمال، وفي المحبّة الإجتماعيّة كان ميتًا، على ما كتب القدّيس يعقوب الرّسول: "كما أنّ الجسد بدون روحٍ ميتٌ، كذلك الإيمان بدون الأعمال ميتٌ" (يعقوب 26:2). ولكنّ أعمالنا تحتاج إلى مبادئ وقواعد أخلاقيّةٍ تُميّز الخير من الشّرّ، والعدالة من الظّلم، والحقّ من الباطل. وهذا ما تفعله "عقيدة الكنيسة الإجتماعيّة". ولذلك هي جزءٌ لا يتجزّأ من رسالة الكنيسة الملتزمة بإعلان بشارة الإنجيل لجميع الشّعوب والأمم (متى 19:28؛ مر 15:16)، وبإظهار النّواحي اللّاهوتيّة والفلسفيّة والأخلاقيّة والثّقافيّة والرّاعويّة المرتبطة بتعليمها الاجتماعيّ، ولكن في وحدةٍ عضويّة (كومبنديوم، 8 و 66). 6. الكنيسة في كلّ ذلك تؤدّي واجبها الرّاعويّ المزدوج أي: مساعدة جميع النّاس على اكتشاف الحقيقة مع اختيار الطّريق الذي ينبغي اتّباعه؛ وتشجيع المسيحيّين على الالتزام بالشّهادة للإنجيل في المجال الاجتماعيّ، مع الحرص على الخدمة (كومبنديوم، 525). ولئن كانت رسالة الكنيسة الموكولة إليها من المسيح هي دينيّة، فمنها بالذّات تنبثق مهمّتها في بناء جماعة البشر وتوطيدها وفقًا للشّريعة الإلهيّة. ولذا، لا تتعاطى الكنيسة التتّقنيّات السّياسيّة والإقتصاديّة والإجتماعيّة، ولا تُقدِّم أنظمةً أو تقترح نماذج لها، بل تتوخّى مرافقة الإنسان على طريق الخلاص بكلّ أبعاده الرّوحيّة والإقتصاديّة والحسّيّة والسّياسيّة (راجع كومبنديوم، 68 و 69). 7. أيستطيع أحدٌ، بعد هذا المفهوم "لعقيدة الكنيسة الاجتماعيّة"، أن يعيش وهو يجهلها؟ إنّ الكومبنديوم دليلٌ أساسيٌّ لمعرفتها والعيش بموجب مبادئها وتطبيقها. فالشّكر أيضًا وأيضًا للذين أعدّوه. نرجو له الانتشار الواسع، والثّمار اليانعة. المصدر بكركي
0 Comments
Leave a Reply. |
Archives
March 2022
|