مارونايت - استقبل السفير البابوي في لبنان المونسنيور جوزيف سبيتاري رئيس الرابطة المارونية النائب السابق المحامي نعمة الله أبي نصر على رأس وفد من لجنة الشؤون الاجتماعية والانشطة الداخلية ضمّ مقرّرها الامين العام جورج الحاج وعدداً من أعضائها وقد شكر أبي نصر والوفد المونسنيور سبيتاري على منحه الأزواج الذين تكللوا بالعرس الجماعي العاشر هذا العام البركة البابوية. كما قدّم الوفد للسفير شهادة عرابة أرزة في غابة أرز الرب في بشري، غرست في البقعة المخصصة للرابطة المارونية. وسبق للرابطة أن وقعّت بروتوكول رعاية وتعاون في العام 2016 مع لجنة "أصدقاء غابة الأرز" مساهمة منها في إعادة تحريج جبال لبنان لا سيما بشجرة الارز رمز الوطن. المصدر الرابطة المارونية
0 Comments
مارونايت - "إنّ أمّي وإخوتي هم هؤلاء الذين يسمعون كلمة الله ويعملون بها" (لو21:8) 1. بهذا الجواب أوضح الرّبّ يسوع أنّ أمومة مريم الإلهيّة له ليست فقط أمومةً جسديّةً، بل هي على الأخصّ أمومةٌ روحيّةٌ مبنيّةٌ على الإيمان. وهذا ما عبّر عنه القديس أغسطينوس عندما كتب: "لقد وَلَدَت مريمُ العذراء مَن حَبِلَت به بإيمانها. فلمّا خاطبها الملاك، وهي ممتلئةٌ إيمانًا، وأجابت: هاءنذا خادمة الرّبّ، فليكن لي بحسب قولك، حَبِلَت بيسوع في روحها وقلبها قبل أن تحبل به في حشاها" (العظات 215، 4 – PL.38, 1074). 2 . يسعدني أن أحتفل مع سيادة أخينا المطران مارون العمّار، راعي الأبرشيّة، ومعكم، بهذه اللّيتورجيّا الإلهيّة، ونحيي عيد مولد أمّنا وسيّدتنا مريم العذراء، شفيعة هذا الكرسي الأسقفيّ في بلدة بيت الدّين التّاريخيّة العزيزة، حيث تُكرَّم بلقب "سيّدة الخلاص". لا نستطيع في هذه المناسبة إلاّ أن نذكر جميع المطارنة الذين تعاقبوا على خدمة الأبرشيّة، من أحياءٍ وموتى، وحافظوا على الوديعة الثّمينة على الرّغم من كلّ المصاعب التي واجهوها، ثمّ تجاوزوها بإيمانهم وصلاتهم وصبرهم واتّكالهم على العناية الإلهيّة، وعلى المسيح المنتصر بقيامته على الخطيئة والموت. ونذكر معهم الكهنة والرّهبان والمؤمنين الذين عاونوا وخدموا في هذا الكرسي. فللأحياء نتمنّى عمرًا طويلاً مع فيض النّعم، وللموتى الرّاحة الأبديّة في السّماء. ونذكر في هذه الذّبيحة الإلهيّة أيضًا كلّ الذين مدّوا يد المساهمة سخيةً في إعادة ترميم هذا الكرسي، وإلباسه جمال حلّته الأولى. كافأهم الله بخيراته وبركاته. 3. إنّنا نختتم بهذه اللّيتورجيّا الإلهيّة اليوم الأوّل من زيارتنا الرّاعويّة التي شاءها سيادة أخينا راعي الأبرشيّة، وقمنا بها معًا. فبعد تفقّد كفرفالوس زرنا على التّوالي كلّاً من رعايا: صفاريه وشواليق ووادي بعنقودين ولبعا حيث أزحنا السّتار عن شارع البطريرك نصرالله صفير، وبيصور ومزرعة المطحنة وبسري وخربة بسري والزعروريّة. نذكرهم جميعًا في هذه الذّبيحة الإلهيّة، ونشكرهم على حسن استقبالهم ومحبّتهم. 4. عيد مولد أمّنا وسيّدتنا مريم العذراء هو بداية تحقيق عمل الفداء والخلاص. ففيما وُلدت مريم ككلّ إنسانٍ من ثمرة حبّ والديها القدّيسين يواكيم وحنّه، شاء الله، باستحقاقات ابنه الذي سيأخذ جسدًا بشريًّا منها ويغلب الخطيئة بموته وقيامته، أن يعصمها من الخطيئة الأصليّة التي يولد فيها جميع البشر، وارثين إيّاها من أبوَينا الأوّلَين آدم وحوّاء. عصمها لأنّه اختارها لتكون أمَّ ابنه القدّوس، فادي الإنسان ومخلّص العالم. هذه العصمة أصبحت عقيدةً إيمانيّةً هي "عقيدة الحبل بلا دنس"، التي أعلنَها الطّوباويّ البابا بيوس التّاسع في 8 كانون الأوّل 1854، وثبّتتها سيّدتنا مريم العذراء بعد أربع سنواتٍ في ظهوراتها للطّفلة برناديت في مغارة Massabielle في لورد، سنة 1858. فإحياءً لليوبيل الذّهبيّ الخمسينيّ سنة 1904، أنشأ المكرَّم البطريرك الياس الحويّك مع السّفارة البابويّة مزار سيّدة لبنان، حريصا. 5. لقد ارتكزت عقيدة الحبل بلا دنس على رموزٍ من الكتاب المقدَّس، من مثل عَدنَ الرّوحيّة التي سكن فيها آدم الجديد، بدل عدن الأرضيّة التي سكنها آدم وشوّهها بمعصيته؛ وسفينة نوح التي أنقذت الخليقة الثانية، إذ ولدت المسيح مخلّص العالم الذي غرّق الخطيئة؛ وتابوت العهد التي احتوت الإله القدّوس المتجسدّ. وسواها من الرّموز وصُوَر الأنبياء. ولهذا يُطلق على أمّنا مريم العذراء في عيد مولدها لقب "سيّدة الخلاص". ذلك أن بعصمتها من دنس الخطيئة الأصليّة منذ اللّحظة الأولى لتكوينها في حشا أمّها، كانت بدايةُ عملِ الخلاص للعالم. 6. "أمّي وإخوتي هم الذين يسمعون كلمة الله ويعملون بها" (لو21:8) سمعت مريم كلمة الله في بشارة الملاك التي تدعوها "لتكون أمَّ ابن العليّ وهي عذراء" (لو1: 34-35). فقبلت الكلمة بإيمانٍ من دون أن تفهم كلَّ معانيها ونتائجها ومقتضياتها. وأجابت: "هاءنذا أمة الرّبّ، فليكن لي بحسب قولك" (لو38:1). بهذا الجواب عبّرت مريم عن جهوزيّتها الكاملة للعمل بكلمة الله، بلفظة "فليكن". إنّها لفظةٌ أساسْ، حاسمةٌ لتحقيق تصميم الله الخلاصيّ. وتذكّرنا بكلمة الله "فليكن نور" قالها عندما خلق الأرض والسّماوات فتمّ الخلق كلّه بهذ اللّفظة يومًا بعد يوم (راجع تك3:1). وتذكّرنا بكلمة يسوع في بستان الزّيتون، ليلة آلامه وصلبه: "لتكن مشيئتك، يا أبتِ، لا مشيئتي" (لو42:22). بها عبّر عن طاعته الكاملة للآب، وقدّم ذاته ذبيحة فداءٍ عن البشريّة جمعاء. 7. جواب مريم "فليكن" ينطوي على فعلَي إيمانٍ وطاعة: إيمانٍ بأنّ ما يقوله الله حقيقةٌ مطلقة؛ وطاعةٍ لله بالعيش وفقًا لهذه الحقيقة الهادية إلى خلاصنا. ولذا نقول: "من يؤمن يطيع. ومن يطيع تتحقّق فيه إرادة الله وتصميمه الخلاصيّ. بهذا المعنى كتب القدّيس أغسطينوس كما رأينا: " وَلَدَت مريمُ العذراء مَن حَبِلَت به بإيمانها". هذا يعني أنّنا نحن أيضًا ندخل في رابطةٍ روحيّةٍ من الأمومة والأخوّة، كما أكّد الرّبّ يسوع: "إنّ أمّي وإخوتي هم الذين يسمعون كلمة الله ويعملون بها" (لو21:8).
أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء. 8. سيّدتنا مريم العذراء مثالٌ لكلّ إنسان ودعوةٌ لسماع كلمة الله والعمل بها. فكلّ واحدٍ وواحدةٍ منّا صاحب دورٍ مثلها في تاريخ الله الخلاصيّ، ومعاونٌ لتحقيق ما يَرسم الله من تصميم. لسنا معنيّين فقط بصنع تاريخنا البشريّ، بل وبخاصّةٍ بصنع تاريخ الخلاص الذي يخطّطه الله في سرّ تدبيره، ويرسم لكلّ واحدٍ وواحدةٍ منّا دوره الخلاصيّ. ويبقى السّعي بالصّلاة واستلهام أنوار الرّوح القدس والتأمّل في الكلام الإلهيّ والاسترشاد بتعليم الكنيسة، إلى إدراك هذا الدّور الشّخصيّ في الحالة التي يتواجد فيها كلُّ واحدٍ منّا. والحقيقة تُقال أنّ التاريخ البشريّ الذي نخطّه يومًا بعد يوم، يصطلح عندما يرتكز على أسس تاريخ الله الخلاصيّ، أعني: على الحقيقة والمحبّة والعدالة والحريّة والأخوّة والسّلام. لكنّ هذه الأسس نستمدّها من كلام الله لا منّا، ولا من مصالحنا وحساباتنا والامتلاء من ذواتنا. 9. يا مريم، سيّدة الخلاص، إلتمسي لنا من الله الإيمان بكلامه والطّاعة له والعمل بموجبه من أجل خلاصنا الشّخصيّ وخلاص مجتمعنا البشريّ. فنرفع معكِ نشيد المجد والتّسبيح للثّالوث القدّوس، الآب والابن والرّوح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين. المصدر بكركي مارونايت - ردًّا على الحملة التركية، وعلى ردود بعض الشخصيات اللبنانية على الكلمة التي ألقاها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لمناسبة بدء الإحتفالات بالمئوية الأولى لإعلان دولة لبنان الكبير؛
من المستغرب والمستهجن أن ترد تركيا، وبعض اللبنانيين ومنهم سماحة الشيخ محمد قباني على كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي أشار فيه إلى مسؤولية العثمانيين في المرحلة التي سبقت انتهاء الحرب الكونية الأولى، وما خلفته من مآسٍ. فالرئيس عون أتى على ذكر هذه المرحلة لكونها حقيقة واقعة لا يمكن لأي مؤرخ موضوعي وعلمي أن يتجاهلها، لاسيما أنّها كانت من الأسباب المباشرة لإعلان دولة لبنان الكبير. لقد أراد العثمانيون إبادة أبناء جبل لبنان بالجوع لا بالسيف، لأنّه ما أن دخل جمال باشا السفّاح لبنان عام 1915 حتى أعلن حصارًا تموينيًّا وتجويعيًا مقصودًا برًّا وبحرًا على الجبل والقرى الساحلية والمدن الساحلية، صادر كلّ المحاصيل، ألغى نظام المتصرّفيّة الذي سبق أن وضع بضمانة الدّول الأوروبية، كما ألغى مجلس الإدارة الّذي كان بمثابة برلمانًا مصغّرًا... نفى من نفى من رجال دينٍ وعلمانيّين... فرض الضّرائب الباهظة وطبّق نظام السّخرة وأعلن الأحكام العرفيّة ونصب المشانق. هٰكذا بين نفي وتهجير واستعباد وتجويع وقتل، على مدى ثلاث سنوات متتالية، بين 1915 و1918، انتهى الأمر إلى مقتل ثلث سكّان الجبل بسبب الجوع والحرب، وتهجير الثّلث الآخر إلى أقاصي الأرض، إنّه النزوح الأسري دون عودة. أمّا الثّلث الباقي بالكاد استطاع أن يستمرّ على قيد الحياة ونحن أحفاد الثلث الذي استطاع أن يصمد ويبقى على قيد الحياة في حينه. هنا يجدر السّؤال؟! كلّ هٰذه المآسي الّتي لحقت بأجدادنا أبناء الجبل وسائر المناطق اللبنانية بما فيها بيروت، ألا تستحقّ الذّكرى والتّذكير؟! ألا يحقّ لنا أن نتّعظ خصوصًا نحن المسيحيين لنخرج من محنة فقدان الذاكرة؟! إنّها فعلاً محاولة إبادة جماعية بكلّ معنى الكلمة؟! لم تفرّق بين مسيحي ومسلم؟! أمام هذا الواقع ألا يحقّ لفخامة الرئيس ميشال عون أن يتحدث عن واقعة تاريخية ليذكّرنا دون الغوص في التفاصيل لأنّه في الذكرى عبرة، وفي العبرة حياة واستمرارية للأوطان! إنّ فخامته تحدّث عن واقعة تاريخية ولم يقصد الإساءة إلى العلاقات اللبنانية التركية التي نريدها جيدة وقائمة على الإحترام المتبادل. المصدر الرابطة المارونية مارونايت - معًا نربّي: رهانات الشّركة في المدرسة الكاثوليكيّة 1. يطيب لي أن أفتتح معكم مؤتمر المدارس الكاثوليكيّة السّادس والعشرين بعنوان: "معًا نربّي: رهانات الشّركة في المدرسة الكاثوليكيّة". فأحيّي سيادة أخينا المطران حنّا رحمه، رئيس اللّجنة الأسقفيّة للمدارس الكاثوليكيّة، وعزيزَنا الأمين العامّ الأب بطرس عازار، وأعضاء الأمانة العامّة، وكلَّ الذين عملوا جاهدين من أجل إعداد المؤتمر. وأحيّي شاكرًا مدرسة سيّدة اللّويزه التي تستضيف المؤتمر، بشخص رئيسها الأب زياد أنطون والآباء معاونيه، وكلَّ الأسرة التّربويّة. وأوجّه تحيّةً خاصّةً إلى قدس الرّئيس العامّ الأباتي مارون الشّدياق ومجلس المدبّرين وسائر الآباء. 2. نتناول موضوع "الشّركة" في تربية أجيالنا اللّبنانيّة، وفي بناء جماعة "الجماعات التّربويّة" وما يرتسم أمامها من رهانات. وتفعلون ذلك بروح المجمعيّة التي تفرض نفسها في أيّامنا، لكونها ضرورة ماسّة. "الشّركة" و"المجمعيّة" تجدان جذورهما في الكنيسة التي يشبّهها بولس الرّسول "بجسدٍ نحن فيه كلّنا أعضاء بعضنا لبعض" (أفسس25:4). أعضاء الجسد متنوّعة لكنّها تعمل لحياة الجسد كلّه؛ والجسد السّليم يعطي حياةً لكلّ عضوٍ فيه. على هذه الصّورة تصبون إلى خلق جماعة "الجماعات التّربويّة" المتنوّعة. 3. عندما أُنشئت اللّجنة الأسقفيّة للتّعليم والأمانة العامّة للمدارس الكاثوليكيّة، كان الهدفُ إحياءَ الشّركة فيما بينها، بحيث تتعاون ولا تتنافس، تنفتح بعضها على بعضٍ ولا تنعزل، توحّد القرار ولا تتفرّد. عندما نتكلّم عن "الشّركة بين المدارس" ينبغي أن نعود إلى ينبوع الشّركة ومصدرها الذي هو الله. فهو شركة المحبّة والحقيقة بين الأقانيم الإلهيّة. ولأنّه شركة هو اتّصال و تواصل مع الإنسان، كلّ إنسان (راجع رسالة البابا فرنسيس لمناسبة اليوم العالمي الثالث والخمسين لوسائل التواصل الاجتماعي، 24 كانون الثاني 2019). الشّركة بين المدارس تستوجب هذا التّواصل فيما بينها. 4. بنتيجة هذا المفهوم اللّاهوتيّ للشّركة بات على المدارس الكاثوليكيّة أن تنفتح على التّعاون، بتنسيقٍ تتعهّده أمانتها العاّمة في أمورٍ تختصّ بالبرامج، وإعداد المعلّمين، وتوحيد روزنامة السّنة الدّراسيّة وبخاصّةٍ مواعيد بدايتها ونهايتها والعطلات وعطلات الأعياد وسواها، والانتشار وتوزيع القوى في كلّ المناطق اللّبنانيّة.
وترى مدارسنا الكاثوليكيّة نفسها أمام تحدٍّ كبير، هو انتزاع التّربية السّليمة لأطفالنا وشبابنا من قبضة "مربّين" يشوّهون وجه الإنسان المواطن عندنا. أعني تصرّفات المسؤولين في الدّولة، على كلّ المستويات، الذين يتآكلهم الفساد السياسيّ والأخلاقيّ والماليّ، ويهملون الشّعب في معيشته وحقوقه الأساسيّة بإهمال النّهوض الاقتصاديّ والماليّ، وتغطية التّهريب الضّريبيّ والمفسدين. وأعني الوالدِين الذين لا يكترثون لتربية أولادهم، ولا يسهرون عليهم، ويطلقون لهم الحريّة حتّى الفلتان، ولا يقدّمون لهم مثال المواطن الصّالح، ولا يعنيهم ما يتربّون عليه في مدارسهم؛ وقد نسوا أّنهم المربّون الأوّلون لأولادهم والأساسيّون ولا بديل عنهم. وأعني وسائل الإعلام والتواصل وتقنيّاته وما تحمل من سموم تبثّها في نفوس وعقول أجيالنا الطّالعة. وأعني المحيط الذي يعيش فيه طلّابنا، والذي يقدّم لهم غالبًا عكس ما يتربّون عليه في مدارسهم. أمام هذه المسؤوليّة التربويّة، لا تستطيع مدارسنا الكاثوليكيّة أن تكتفي بتأمين البرامج الرّسميّة، وحفظ النّظام، بل يجب عليها أن تأخذ على عاتقها التّربية الأخلاقيّة والاجتماعيّة والوطنيّة، وإعداد مواطنين مخلصين لوطنهم، ومسؤولي الغد الواعين لحاجات الوطن. إنّ ذكرى المئويّة الأولى لإعلان دولة لبنان الكبير التي افتتحناها في الأوّل من هذا الشّهر مناسبةٌ لتوفير برنامجٍ تربويٍّ عن مفهوم المواطنة والتّعدّديّة الدّينية والثّقافيّة التي تميّز لبنان في محيطه العربيّ، كما أراده ورسم خطوطه المكرّم البطريرك الياس الحويّك. وعن مفهوم دولة القانون والمؤسّسات، وعمّا يميّز لبنان، ويجعل منه نموذجًا وصاحب رسالةٍ في محيطه المشرقيّ. إنشاء جماعة "الجماعات التّربويّة" تضمن توفير هذا البرنامج المشترك. 5. ومن ناحيّةٍ ثانية، واجب التّعاون بروح الشّركة بين المدارس الكاثوليكيّة، إنّما يأتيها من كونها "كاثوليكيّة". بهذه الصّفة، تعمل بإسم الكنيسة الكاثوليكيّة. إنّ لصفة "كاثوليكيّة" معنيَين متلازمَين: الأوّل، أنّ المسيح حاضرٌ في الكنيسة. وحيث المسيح يسوع، هناك الكنيسة الكاثوليكيّة، التي تتقبّل منه كلّ وسائل الخلاص، أي: إعلان الإيمان المستقيم، الحياة الأسراريّة، الكهنوت لخدمة الكلمة والنّعمة والمحبّة. المعنى الثاني، أنّ الكنيسة مرسلةٌ من المسيح إلى جميع الشّعوب. فالله الذي خلق الطّبيعة البشريّة في الوحدة، يريد أن يجمع كلّ النّاس في وحدة الحقيقة والمحبّة (راجع كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكيّة، 830-831). 6. على ضوء "كاثوليكيّة" مدارسنا، بمفهومها اللّاهوتيّ، لا يمكن أن تكون "الكاثوليكيّة" مجرّد صفةٍ تميّز مدارسنا عن غيرها، بل هي إسمٌ يدرج المدرسة في صميم الكنيسة الكاثوليكيّة بالمفهومين اللّذين تكلّمنا عنهما. ما يقتضي تعريف كلّ طالبٍ وطالبة على شخص المسيح، صديق كلّ إنسان ورفيق دربه وفاديه، وإنارة طلّابنا بنور الكلمة الإلهيّة التي تولّد الإيمان في قلوبهم، وتأمين الحياة الأسراريّة لهم مع نعمتها التي تقدّس نفوسهم. غير مقبول القول أنّ البرنامج لا يسمح بتخصيص ساعاتٍ أسبوعيّة ثابتة لهذه الغاية. إنّ من واجب الأمانة العامّة للمدارس الكاثوليكيّة إعداد برنامج تربيةٍ مسيحيّةٍ بهذا المفهوم، تعتمده مدارسنا، كجماعةٍ تربويّةٍ واحدة، لكي تكون حقًّا "كاثوليكيّة". وإنّنا نرفض إستبدال ساعة التّربية المسيحيّة والقدّاس ببرامج أخرى بسبب ضيق الوقت. كما نرفض إسناد التّربية المسيحيّة لأيّ شخصٍ غير مهيّأ لاهوتيًّا ومسلكيًّا. 7. وما القول عن الأقساط المدرسيّة؟ إنّنا نعرف معاناتكم ومعاناة الأهل. في رسالتي العامّة الخامسة بعنوان "خدمة المحبّة الاجتماعيّة" التي أصدرتُها في 25 آذار 2017، بيّنتُ بالأرقام مساعدات المدارس الكاثوليكيّة في العام الدّراسيّ 2015-2016، أي منذ أربع سنوات: عدد أفراد الهيئتين الإداريّة والتّعليميّة عدد الموظّفين المساعدات السنويّة للعائلات المعوزة الحسومات لأولاد الإداريين والمعلّمين والموظّفين أقساط غير مستوفاة سنويًا حوالي : 14.124 2.957 40.107.252.000 ل.ل. 30.514.958.000 ل.ل. 47.089.058.000 ل.ل. لا أظنّ أنّ مدارسنا الكاثوليكيّة تستطيع لوحدها تحمّل مثل هذه المساعدات اليوم. وكيف تستطيع أن تواصل خدمتها التّربويّة التّاريخيّة هذه ورسالتها، وهي التي حمت الثّقافة اللّبنانيّة والعلم الرّفيع ونشرتهما واستفاد منهما اللّبنانيّون، ولاسيّما الذين برعوا في حقول العلم، في لبنان والعالم، فيما المواطنون في حالة فقرٍ يتزايد، والبطالة تتفاقم، والمعيشة على غلاء؟ ومع هذا نبقى ثابتين في الرّجاء أمام شعبنا، متّكلين على عناية الله التي لا تخذلنا. والبطريرك المكرّم الياس الحويّك كان يردد ذلك، هو رجل العناية واختبر كيف ان العناية الإلهية تتدخل عندما نعطي ونعطي بسخاء وبدون خوف. إنّ القانون 46 الذي أصدرته الدّولة بشكلٍ غير مدروس جاء قاضيًا على أهالي الطلاّب غير القادرين بمعظمهم؛ وعلى المدرسة الكاثوليكيّة التي تواجه مشكلتين كبيرتين: تحمّل عبء الأقساط غير المستوفاة، وعبء الأجور المفروضة بالقانون 46. وهي لا ترغب في زيادة الأقساط الواجبة، لإدراكها حالة الأهالي وعدم قدرتهم. إنّأ ما زلنا معكم نطالب الدّولة، بما طالبناها منذ سنتين مع جميع المدارس اللّبنانيّة الخاصّة في اجتماعَي بكركي. وهو أن تؤمّن الدّولة كلفة الدّرجات الستّ، فيما المدرسة تؤمّن كلفة الملحق 17. وإنّا نحمّل الدّولة مسؤوليّة انهيار التّعليم الخاصّ، وحرمان معظم الأهالي منه لفقرهم، وخلق أزمةٍ اجتماعيّةٍ إضافيّةٍ بصرف معلّمين وموظّفين وإقفال مدارس. وأود ان يعي الجميع ان المدرسة وحدة لا تتجزأ، إدارة ومعلمين وطلاب وأهل. ليس الموضوع موضوع نزاع بين المعلمين واداراتهم ولا بين الأهل ومدرستهم، فالمدرسة اسرة تربوية واحدة مؤلفة من أربعة. ما نطالب به هو ان تتحمل الدولة مسؤوليتها ولا تتلطى بكون الخزينة فارغة، ويومها قلنا نعم افرغتموها في جيوبكم. 8. هذه هي أبعاد الموضوع الذي أردتموه لمؤتمركم السّنويّ هذا، أيّها المربّون في مدارسنا الكاثوليكيّة. إنّنا نرجو النّجاح لأعماله، ولمدارسنا حمايتها، ولكم كلّ خير وطمأنينة. عشتم! عاشت المدرسة الكاثوليكيّة! عاش لبنان! المصدر بكركي مارونايت - شارك البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي ابناء بلدة حدشيت فرح عيد القديس مار رومانوس وازاحة الستارة عن تمثال البطريرك دانيال الحدشيتي .وقد وصل البطريرك الراعي وصل إلى بلدة حدشيت يرافقه المطارنة جوزيف نفاع ومارون العمار ومطانيوس الخوري وامين الديوان الخوري خليل عرب وامين سر البطريرك الخوري شربل عبيد حيث اعد له استقبال من ابناء البلدة المقيمين والمغتربين يتقدمهم القيم البطريركي الخوري طوني الآغا وكهنة حدشيت جورج عيد وميلاد الكورة وجورج يرق ورئيس البلدية روبير صقر واعضاء المجلس البلدي ورئيس رابطة المخاتير الكسي فارس ومخاتير البلدة ومنسق القوات اللبنانية في حدشيت المهندس رامي عيد وحشد من الراهبات والكهنة . وعلى وقع قرع الاجراس والترانيم الدينية ونثر الورود والزغاريد سار الجميع من كنيسة مار سركيس وباخوس بعد زيارتها من قبل البطريرك إلى كنيسة مار رومانوس حيث ترأس غببطته الذبية الالهية يعاونه المطران نفاع والخوري الكورة والقى القيم البطريركي الخوري الآغا كلمة رحب بها بغبطة البطريرك والمطارنة في حدشيت وقال:غريبٌ في حدشيت اليوم، مميّزٌ ومقدس. أرى صاحبه ينزل عن عرش مذبحه، يتنقّل ابتهاجاً في ساحات القرية، يُصفّق مع المصفّقين ويهلّل مع المهلّلين. نعم، أرى القديس رومانوس فَرِحاً مسروراً ككلّ فردٍ من أبناء الرعية، يرحّب بحرارة براعي الرُعاة وبصَحبه الكريم، ويلتمسُ من صاحب الغبطة والنيافة أن يَنشُر باسمه على أرض حدشيت نِعَمَ الرب والبركات. وتابع :أقتَربُ من القدّيس رومانوس بعيده، ألتمس منه حاجة، فيهمس في أذني وأذنِ كلّ حدشيت ويقول: هنيئاً لكم بصاحب الغبطة. هنيئاً لكم بصاحب الإبتسامة الدافئة والفرح المطلق. هنيئاً لكم بصاحب القلب الكبير الذي حقَّ له، عن جدارة، أن يحتفل بمئوية إعلان دولة لبنان الكبير...هنيئاً لكم بعهدٍ كرّمَ الحويك، ودعا إلى تطويب الدويهي وقدّس شعباً صغير ورفعَ على الأكفِّ بطريركه الراعي.هنيئاً لكم براعٍ يَتفقّدُ الرعية، يكرِّمُها قبل أن تكرّمَه. يُذكّرُها بأسلاف بطاركةً عِظام، وبزيح ستار التاريخ عن بطريركٍ من أرضكم فتلتقي كنيسةُ الحاضر بكنيسة الماضي وتَعِدُنا بمستقبلً ميمون...نعم، هنيئاً لنا وللبنان، هنيئاً للشرق والغرب ببطريركٍ قلبُهُ كنيسة، ولسانُه كتابٌ مقدّس، ومن يديه فَوحُ الطيب والميرون. يا صاحب الغبطة، أهلاً بكم على أرضنا، لا، بل أهلاً بنا على أرضكم... حدشيت لكم، بشَيبِها وشبّانِها، حتى أطفال المذودِ فيها يرتكضون فرحاً ويقولون: من أين لنا أن يأتي إلينا رسول الآب وصورة الإبن ولسانُ الروح... وختم :باسم الكبير والصغير في حدشيت، باسم بركة أرضِها وخلود سماها، باسم البشر والحجر والشجرـ نرحب بكم يا كبيراً بيننا، يرافقكم كبار القوم، مُلتمسين لكم، مع العمر الطويل، فيضاً من وافرِ صحة ودفقاً من همّةٍ ونشاطٍ في خدمة الله والإنسان، واذكري يا كنيستنا المارونية أنّ من أزاح الستار يوماً عن تمثال البطريرك الحدشيتي، سوف يذكُره ستارُ التاريخ ويرفعه عالياً فوق النجوم والسحاب. وبعد تلاوة الانجيل المقدس القى البطريرك الراعي عظة بعنوان "من يواضع نفسه يرفع، ومن يرفع نفسه يواضع" قال فيها : يدعونا الرب يسوع الى فضيلة اساسية في حياتنا المسيحية وهي فضيلة التواضع وهي تعني ان الانسان لا يريد شيئا من هذه الدنيا وان ما يريده هو الله. المتواضع هو الذي يقف امام الله كل يوم امام عظمته ويجد انه صغيرا مهما علا شأنه في المجتمع البشري وعندما يرى نفسه خاطئا ويجد كل ما بناء كالغبار وهكذا دواليك...فكما ان الصروح والبيوت وهذه الكنيسة الجميلة تحتاج الى اساس ترتفع عليه هكذا حياتنا المسيحية صرح بحاجة الى اساس هو التواضع وهكذا يقول لنا الرب اليوم من يواضع نفسه يرفع ومن يرفع نفسه يواضع عند الله . وتابع:يسعدنا ان نحتفل معكم اليوم بعيدين عيد شفيع حدشيت العزيزة مار رومانوس الذي تحبونه ويرافقكم في حياتكم وقد رفعتم صرح هذه الكنيسة على اسمه علامة ايمانكم وحبكم الكبير له وتعلقكم بقدسيته وشخصية القديس رومانوس وقد اختبرتم كم رافقكم في الحياة وكم ساعدكم وفتح امامكم ابواب النجاح تحتىسماء هذا الوطن اوتحت اي سماء على وجه الكرة الارضية .وهذا العيد يجمع ابناء حدشيت ليس فقط المقيمين بل ايضا من يشاركنا عن بعد ويعيش معنا فرحة العيد حيثما هو.خصوصا وانهم بنوا الكنائس حيث هم على اسمه ،لكم ولهم جميعا اقدم التهاني بالعيد راجين ان يكون مليءا بالخير والنعم والبركات ،وانا اتخيل كيف تعيشون بطمأنينة لأن مار رومانوس هنا يرافقنا حيثما كنا ولهذا تحافظون على وحدتكم وايمانكم وتواصلون جهدكم .اما العيد الثاني فهو اننا نرفع الستارة ونبارك تمثال ابن حدشيت البطريرك الشهيد دانيال الحدشيتي الذي قدم شهادته في زمن المماليك من اجل حماية الايمان الكاثوليكي وحماية الارض اللبنانية بعد الهجوم على هذه المنطقة وراحوا يخربون ويهدمون وكان مدافعا امام شعبه حتى النهاية .وانتم اليوم برفع تمثاله انما تجددون ايمانكم المسيحي وحبكم للبنان وارضه وتجددون حضوركم واندفاعكم في سبيل الدفاع عن ايماننا المسيحي في هذا الوطن وعن ارضنا اللبنانية . واضاف:بالامس احتفلنا جميعنا ببداية المئوية الاولى لاعلان دولة لبنان الكبير على يد البطريرك العظيم المكرم الياس الحويك الذي قال"ان حلول اول ايلول 1920 مع اعلان دولة لبنان الكبير هو خاتمة مسيرة تاريخية طويلة عاشها بطاركتنا عبر التاريخ ووصلت الان الى الذروة .هذه المسيرة التاريخية لها محطات بدأت مع البطريرك الاول مار يوحنا مارون ،فدانيال الحدشيتي في زمن المماليك فالمكرم البطريرك اسطفان الدويهي مرورا بمسيرة طويلة من البطاركة وصولا الى البطريرك الحويك واعلان دولة لبنان الكبير . نحن نتذوق كل هذا في عيد القديس رومانوس الذي يدعونا الى التشبث بايماننا وهو الذي قاوم السلطة الرومانية الوثنية التي كانت تدعوه للتنكر لأيمانه وانتم تعلمون ان السلطة الرومانية كانت تبسط سلطتها على كل هذه الارض وكان الدين الوثني هو دين الدولة وكان يجب على المسيحيين ان ينكروا ايمانهم ويقدموا الذبائح للأوثان وإلا يقتلوا. القديس رومانوس عاش في الجيل الثالث في الحقبة التي كانت مليئة بآلاف الشهداء الذين قال عنهم طورطريانوس "ان دم الشهداء بذار المسيحيين ففي زمن دمائهم واوجاعهم وآلامهم ومشاركتهم في آلام المسيح نمت الكنيسة وبعد ثلاثماية سنة من الاضطهاد كانت الحرية للكنيسة سنة 315مع الملك قسطنطين" وهذا كله يعلمنا ان القديس رومانوس لو لم يكن رجل التواضع والاتكال على الله والذي لم يعتقد ان قوته من ذاته وبفضل تواضعه توصل أن يقف بوجه الطغاة وبرغم كل الالام التي انزلزها به ظل صامدا حتى النهاية معلنا ايمانه. ونحن نعيش اليوم زمنا صعبا الايمان ينحل شيئا فشيئا عند كثير من الناس ،كثيرون نسوا انجيلهم وفقدوا معنى يوم الاحد ،هجروا كنائسهم وغابوا عن اللقاء مع الرب في ذبيحته الاسبوعية ووليمة جسده ودمه ولهذا السبب نتراجع ونتفكك ونتكسر كل يوم اكثر فاكثر .لايهمني ان اكون كبيرا بعين الناس يهمني ان اكون كبيرا بعين الله وان اكون متواضعا متجردا لا ابتغي شيئا لنفسي واعتبر ان كل شيء املكه من قوة وعلم هو من نبع واحد هو الله.والوثن لم ينته زمنه في زمن الامبراطورية الرومانية بل هو متواصل بصورة اخرى اليوم ،ثمة وثن المال ،وثن السلاح،وثن الذات ووثن الجسد ويقول الرب حيث يكون كنزكم يكون قلبكم ولكن للاسف اذا سأل كل منا ذاته كل يوم اين قلبي؟اين اهتمامي؟تجيب ان الكنز ليس الله بل اوثان متنوعة . مار رومانوس يدعونا اليوم وابن حدشيت البطريرك مار دانيال الذي وقف في وجه المعتدين على الايمان وهكذا كما كتب على احدى اليافطات" لقد صلى بالمسبحة وقاوم بالسيف "فهو لم يقاوم من اجل مصلحة ذاتية بل قدم نفسه محرقة من اجل لبنان وارضه وقاوم من اجل الايمان المسيحي في لبنان.نتأمل ونحن نقيم هذه الذبيحة المقدسة واعيننا شاخصة الى القربان ورسم القديس رومانوس وعندما نخرج ونتأمل وجه الطريرك دانيال الحدشيتي ان نتسلح بالفضيلة الاساسية في حياتنا الا وهي التواضع حماية لايماننا المسيحي ولوطننا الحبيب لبنان. وختم:يا رب بشفاعة مار رومانوس وصلاته وصلاة مار دانيال الحدشيتي نسألك ان تذكي فينا فضيلة التواضع وروح المقاومة حفاظا على ايماننا المسيحي وعلى وطننا لبنان فنرفع معا نشيد المجد والتسبيح للثالوث القدوس الآب والابن والروح القدس له المجد الى الابد آمين. وبعد القداس انتقل البطريرك والمشاركين في الذبيحة الالهية الى باحة قاعة الرعية وازاح البطريرك الراعي ورئيس البلدية صقروالمختار فارس والكهنة و الستارة عن تمثال البطريرك دانيال الحدشيتي والقى كل من الخوري جورج يرق وجان ساسين والخوري ميلاد الكورة ورئيس جمعية حدشيت اكتيفيتز كلمات بالمنسبة حيوا فيها البطريرك الراعي مؤكدين على مواقفه الوطنية الحكيمةوان غبطته خير قائد وراع ليس فقط في لبنان ولكن في اقاصي الدنيا ومتضرعين الى الله ان يمنحه الصحة كي يواصل تثبيت عدالة الله وسلامه ، ومثمنين جهود القيم البطريركي الخوري طوني الآغا في سبيل تعزيز دور لجان الاوقاف في حدشيت. ورد البطريرك الراعي بكلمة شكر فيها ابناء حدشيت على استقبالهم ودعاهم الى التشبث دائما بالايمان والتمثل بصمود البطريرك الحدشيتي في مواجهة كل الطغاة والتواضع في كل مسيرة حياتهم . المصدر بكركي
مارونايت - قدّاس تكريس كنيسة مار سمعان العموديّ - القليعات
الأحد أوّل أيلول 2019 "ماذا أعمل من الصّلاح لأرث الحياة الأبديّة؟" (لو18:18) 1. هذا السّؤال الذي طرحه أحد الوجهاء على يسوع، ينبغي أن يطرحه كلُّ واحدٍ وواحدةٍ منّا، في صباح كلّ يوم. فجواب يسوع يذكّرنا بأنّ الصّلاح الضّامن للحياة الأبديّة هو السّير في طريق وصايا الله. هذه ليست عبئًا، بل طريقًا آمنًا يصل بالإنسان إلى الخلاص. ولمّا طلب ذاك الوجيهُ صلاحًا أكبر، دعاه يسوع إلى كمال المحبّة، بالتّجرّد عن كلّ شيءٍ والانصراف إلى شؤون الله. هذا الكمال اختاره لنفسه مار سمعان العموديّ، فبات من أعلى عموده منارةً للمارّة بكلامه وإرشاده وبطولة تجرّده وتقشّفاته، وعلامةَ رجاءٍ لكلّ مريضٍ ومتألّم، وقوّةَ شفاء. 2. بفرحٍ كبيرٍ نجتمع اليوم لنحتفل بهذه اللّيتورجيّا الإلهيّة، ونحي عيد مار سمعان شفيع هذه الرعية العزيزة ونتمناه عيدًا مليئًا بالنعم السماوية. ونحتفل بتكريس كنيستكم الرّعائيّة القائمة من ركام الحرب، ومذبحِها على اسم مار سمعان العموديّ، الذي رافق حياتكم، يا أبناء القليعات الأحبّاء، في كلّ مراحلها الحلوة والمرّة. وإنّا نذكر نفوس الشّهداء الذين سقطوا، وسائر موتاكم، راجين لهم سعادة السّماء ولآلهم العزاء. وإنّي أذكر في هذه الذّبيحة المقدَّسة جميع أهالي القليعات، كبارًا وصغارًا، والمرضى والمسنّين. 3. ويطيب لي أن أحيّي سيادة أخينا المطران بولس روحانا، نائبَنا البطريركيّ العام الذي واكب أعمال إعادة الإعمار، وعزيزَنا الخوري يوسف مبارك كاهن الرّعيّة، الذي شرح لنا بكلمته محطّات إعادة البناء منذ إعداد العقار وترسيم حدوده سنة 2004 حتّى الإنطلاقة بمشروع إعادة البناء سنة 2010. كما أحيّي سيادة أخينا المطران غي بولس نجيم، نائبنا البطريركيّ السّابق الذي رافقكم وشجّعكم، صامدًا أمامكم بإيمانه وصلاته وتوجيهاته. وهكذا كلّكم بشجاعةٍ وصبرٍ وتعاونٍ أحييتم الكنيسة وقاعاتها ومجمّعها من دمار حربٍ أظهرت أن في لبنان لا يستطيع أيّ فريقٍ إلغاء فريقٍ آخر، وأنّ إقصاء الآخر يتنافى وهويّة لبنان التّعدّديّة، ويقوّض أسس الوفاق والوحدة الوطنيّة. وعلّمتنا تلك الحرب المشؤومة وسواها واجبَ السّعي الدّائم إلى توطيد دولة القانون والمؤسّسات، لا دولة تقاسم الحصص بين الأحزاب والكتل النّيابيّة، كما هو حاصلٌ اليوم. فهذه أيضًا تعطّل مسيرة مؤسّسات الدّولة وتعتمد نهج الإقصاء وتقضي على أصحاب الكفاءة وعلى أصحاب الضّمير الحرّ في العمل والرّأي والحكم، غير المديونين لهذا أو ذاك من السّياسيّين. أحيّي لجان الأوقاف التي تعاقبت، ورؤساء المجلس البلديّ والأعضاء المتعاقبين، وصولاً إلى رئيسها الحالي وأعضاء المجلس والمخاتير ومجالسهم، والأخويّات وسائر الحركات الرّسوليّة. وهكذا، كما جاءت الكنيسة ومجمّعها وحدةً جماليةً متناسقةً، كذلك أعدتم بناء وحدتكم لتكونوا حجارةً حيّةً متناغمةً في هيكل الله. وإنّي شخصيًّا أقيم هذا الاحتفال بتأثّر، لأنّ الذّكريات تعود بي إلى السّنوات التي كنتُ آتي فيها من مدرسة سيّدة اللّويزه وألقي مواعظ الصّوم، أيّام كان عزيزنا الخوري حبيب مهنّا كاهنًا للرّعيّة، في عهد المثلَّث الرّحمة المطران مخايل ضوميط. 4. "أيّها المعلّم الصّالح، ماذا أعمل من الصّلاح لأرث الحياة الأبديّة؟" (لو18:18). هذا السّؤال طرحه سمعان ذات يوم في بيت الله. واستنجد بأحد الحاضرين، فأشار عليه بالحياة النّسكيّة. ثمّ ذهب إلى ضريح الشّهداء، وجثا على ركبتيه وجبهته على الأرض، سائلاً الله الهداية في عزمه. بدأ بالصّوم المضني والتّقشّف. فطار صيت قداسته في منطقته، حتّى راحت الجموع تأتيه من كلّ صوبٍ لنيل بركته ونعمة الشّفاء لمرضاهم. وبسبب كثرة الجماهير، قرّر أن يقيم فوق عمود، وطلب أن يعلو ستّة أذرعٍ، ثمّ اثني عشر، وبعدها اثنين وعشرين، حتّى بلغ أخيرًا ستة وثلاثين. هذا كلّه رواه المطران توادريطس القورشيّ (458 و 466) الذي عايشه، وعرفه شخصيًّا، وسمع رواياته من فمه. 5. نحن أيضًا في عيد القدّيس سمعان العموديّ، وتكريس كنيسته بحلّته الجميلة ومذبحها، ومجمّعها، حيث كلّ شيءٍ يتلألأ بجماله، ترانا مدعوّين لنطرح ذات السّؤال على أنفسنا: " ماذا أعمل من الصّلاح لأرث الحياة الأبديّة؟" وهو سؤال يتعلّق بالقضيّة الأخلاقيّة، وبمعنى حياتي الشّخصيّة، والخير الأسمى الذي يجتذبنا. إنّ من يتكلّم مع المسيح، طارحًا عليه هذا السّؤال، يعرف تمامًا الصّلة القائمة بين العمل الأخلاقيّ الصّالح وتقرير مصيره الشّخصيّ. ولذا، البحث عن الصّلاح في العمل والمسلك يعني فعلاً التّوبة إلى الله، ينبوع كلّ صلاح. ليس السّؤال محصورًا بفئةٍ من النّاس، بل هو واجبٌ على الجميع وفي جميع القطاعات. 6. على المستوى الاجتماعيّ الاقتصاديّ، السّؤال واجبٌ من أجل تجنّب أنواع الظّلم والفساد، وحماية العدالة الاجتماعيّة وحقوق الغير الأساسيّة، وتعزيز كرامة الانسان وروابط التّضامن. فإذا تمَّ طرح السّؤال بضميرٍ حيٍّ، يوضع حدٌّ للسّرقة، والغشّ في التّجارة، وفي تأدية الضّرائب، وهضم الأجور ظلمًا، واستغلال جهل الغير أو عوزه، واغتصاب إيرادات المؤسّسات العامّة، وتنفيذ الأعمال عاطلاً، وتزوير السّندات والبيانات الماليّة، والبذخ، والتّبذير، وهدر المال العام (البابا يوحنّا بولس الثاني: تألّق الحقيقة، 100). 7. في المجال السّياسيّ، طرحُ السّؤال على الذّات: "ماذا أعمل من الصّلاح؟" يؤدّي إلى التزام جانب الحقّ بين الحكّام والمواطنين، والنّزاهة والانصاف في خدمة الادارة العامّة، وتعاطي الشّؤون الماليّة العامّة بالاستقامة، والامتناع عن اعتماد الوسائل المريبة في المحاولة بأيّ ثمنٍ للاستيلاء على السّلطة أو الحفاظ عليها. إذا لم تراعَ هذه الأخلاقيّة السّياسيّة، فإنّ أساس التّعايش السّياسيّ يسقط، وكلّ عيشٍ اجتماعيٍّ مشترك يتعرّض تدريجيًّا للخطر ويزول (المرجع نفسه 101). ذلك أنّ بغياب هذه الأخلاقيّة سيُقال للشّرّ خيرًا، وللخير شرًا. 8. فليطرح كلُّ واحدٍ وواحدةٍ منّا هذا السّؤال على المسيح. وهو ينيرنا بكلامه وإيحاءات روحه القدّوس، تمامًا كما سأل القدّيس سمعان العموديّ، وكما أجابه الرّبّ يسوع، فوجد ذاته وأدرك معنى حياته الشّخصيّة. ومعه نرفع نشيد المجد والتّسبيح للثّالوث القدّوس، الآب والابن والرّوح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين. المصدر بكركي |
Archives
April 2023
|