top of page

أين النخب المارونية من قضية الأب منصور لبكي؟

مارونايت نيوز - بقلم الياس الهاشم - في كل قدّاس، لا تزال تراتيله تُرتّل وصلواته تُتلى، رغم أنّ اسمه غاب عن المذبح. وفي كل بيت ماروني، لا تزال نبرته محفورة في الوجدان، رغم الصمت المطبق الذي لفّ قضيته منذ سنوات.

الأب منصور لبكي، الذي شكّل في مرحلة من تاريخ الكنيسة المارونية رمزًا للعطاء والنهضة الروحية والفكرية، يواجه منذ أكثر من عقد ملفًا شائكًا ومعقدًا لم يجد طريقه بعد إلى النور، ولم تُعطَ له – بنظر كثيرين – الفرصة الكاملة لعرض دفوعه وتوضيح موقفه.

المؤلم في هذا السياق، ليس فقط التحديات القانونية، بل الموقف الجماعي للمرجعيات التي لطالما اعتزت باسمه وافتخرت بإنجازاته، ثم اختارت النأي بالنفس حين ثقل الحمل. فالرجل الذي جال العالم بمحاضراته، وأغنى التراث الماروني السرياني المُلحن، وأسس مراكز اجتماعية تحتضن اليتامى والمنكوبين، وجد نفسه فجأة وحيدًا في مواجهة موجة من الاتهامات والتجني، دون أي مساندة علنية من النخب الثقافية أو الروحية التي لطالما تغنّت بتاريخه.

إن قضيته، بغض النظر عن المواقف الشخصية منها، تستحق على الأقل النظر الجاد والمسؤول، والاستماع إلى روايته، وتدقيق المستندات التي يؤكد مؤيدوه أنها أُغفلت أو لم يُعطَ لها وزن كافٍ. فهل يُعقل أن تمر هذه المسألة من دون نقاش مفتوح، أو حتى خلية أزمة تواكبها بجدية وإنسانية؟ وهل يجوز أن يُختزل كل هذا التاريخ من العطاء في سطر اتهام غير قابل للمراجعة؟

الكنيسة التي تغلّب العدالة الرحيمة، لا يمكنها أن تقف على الحياد أمام مشهد مُربك كالذي يعيشه الأب لبكي اليوم. والمارونية، التي صمدت في وجه القهر عبر تاريخها، لا يليق بها أن تصمت حين يُجرح أحد رموزها، حتى لو كان موضع جدل. ففي صلب الإيمان، أن لكل إنسان الحق في الدفاع، ولكل حقيقة أن تُبحث، بلا أحكام مسبقة ولا خنق للصوت الآخر.

الملف ما زال مفتوحًا. والحقيقة لم تُكشف بكامل وجوهها. وإذا كان درب الجلجلة طويلاً، فالإيمان بأن العدالة تقوم ولو بعد حين هو ما يجعل الرعية تصلي وتُرتّل رغم كل شيء.

ولعلّ الرسالة الأهم في هذه المرحلة، أن نكون على مستوى نضج الكنيسة التي ننتمي إليها، وأن لا نخاف من الحقيقة، بل نسعى إليها بمحبة. فالقضية ليست قضية تبرئة أو إدانة فقط، بل امتحان لصدقنا في التزامنا بكرامة الإنسان وحرية الدفاع، حتى في أصعب الملفات.


Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page