top of page

الوطنية الحقيقية لا تتكلم، بل تُمارس: أين الشاب اللبناني من مسؤوليته الوطنية تجاه بنات بلده؟



مارونايت نيوز - ليست الوطنية مجرد مواقف سياسية، ولا تُقاس بخيارات حزبية، ولا تُختصر برفع العلم في المناسبات. الوطنية الحقيقية هي التزام يومي، فعل مستمر، سلوك حيّ، يُترجم في تفاصيل الحياة الصغيرة قبل قضايا الوطن الكبرى. الوطنية هي أن تؤمن ببلدك، أن تُجسد قيمه، أن تعيشه بضميرك وسلوكك، وأن تحمله في قلبك مهما ابتعدت عنه.

والشاب اللبناني، المسيحي كما المسلم، لا يختلف في مواطنيته عن أي لبناني آخر. لكنه اليوم أمام مفترق وجودي، يمسّ جوهر الهوية وبنية المجتمع.

لقد دفعت الظروف الاقتصادية الصعبة آلاف الشباب اللبنانيين إلى الهجرة بحثًا عن عمل كريم، يوفّر لهم الحدّ الأدنى من الكرامة. البعض استقر في الخارج، البعض الآخر يزور الوطن بشكل موسمي، وهناك من عاد ليستثمر أو ليعيش مجددًا بين أهله. ومع ذلك، فإن معظم هؤلاء تزوجوا في الغربة، وأكثرهم ارتبط بغير لبنانية، أو تعرف إلى لبنانية مهاجرة مثله فتزوجا حيث هما.

لكن ماذا عن الشابة اللبنانية التي بقيت؟ تلك التي لم تهاجر، والتي رفضت أن تقتلع جذورها، وبقيت تزرع الأمل في الأرض، وتُصلي بصمت في الكنائس، وتقاوم بكرامتها وعنفوانها؟ وماذا عن تلك التي سافرت بحثًا عن حياة أفضل لكنها لم تجد شريكًا من وطنها؟ العنوسة في صفوف الفتيات اللبنانيات أصبحت مقلقة، لا من باب العدد فقط، بل لما تعنيه من انهيار في نسيجنا الاجتماعي والثقافي.



زواج الشاب اللبناني من غير لبنانية ليس مسألة عاطفية فقط، بل هو قرار يُهدد الاستمرارية الثقافية والانتماء الحضاري. عندما يتزوج من ثقافة مختلفة، يُصبح احتمال عودته إلى لبنان ضئيلاً، وأطفاله يكبرون بلغات غير لغتنا، وينتمون إلى مجتمعات لا تشبه بيئتنا، وتُصبح الفتاة اللبنانية القابعة هنا، وكأنها حرف ساقط من معادلة الوطن!

من سيتزوج بناتنا؟ من سيبني معهنّ عائلات تحافظ على قيمنا وتُكمل مسيرة لبنان؟ هل نرضى أن تُرمى بناتنا في هامش المجتمع؟ وأي وطن يُبنى من دونهن؟ هؤلاء الصبايا لسنَ أرقامًا على لائحة الانتظار، هنّ مستقبل لبنان. فإذا كنت، أيها الشاب اللبناني، تركت وطنك بحثًا عن لقمة العيش، فإن شرفك الوطني يفرض عليك أن تعود وتتقاسم هذه اللقمة مع بنت بلادك، وإلا فأنت شريك غير مباشر في الانحراف، وفي ضرب النسيج المجتمعي، وفي تشجيع العنوسة، وفي تسويق ثقافة هجينة.



بعيدًا عن الغرائز والقصص السطحية، هناك حبّ أكبر: حبّ الوطن، حبّ الإيمان، حبّ الالتزام. فمن لا يهتم ببنات وطنه، لا يحق له الحديث عن الوطنية. لأن الوطنية الحقيقية لا تفرّط بالمرأة اللبنانية، الأمّ المناضلة، والزوجة الصالحة، والرفيقة المؤمنة.

الارتباط ببنت بلدك ليس مجرد خيار شخصي. إنه فعل سيادي. مسؤولية وطنية. استمرار للإيمان والثقافة. فإما أن نؤمن أن الوطنية لا تقتصر على الدفاع عن الحدود، بل تبدأ بالدفاع عن الهوية، وإما أن نكون مجرد متفرجين موسميين، زائرين منفيين ذائبين في الاغتراب، بلا دور، بلا أثر، بلا جذور، وكأن لا وطن لنا ولا ذكرى.

المحامي الفرد بارود

1件のコメント

5つ星のうち0と評価されています。
まだ評価がありません

評価を追加
Greta
5月29日
5つ星のうち5と評価されています。

Sujet super profond

Bravo d’y avoir pensé

いいね!
bottom of page