مارونايت نيوز - لبنان - تاريخ البشرية مليء بالأحداث التي تذكرنا بأهمية الوقوف في وجه الاحتلال والخيانة، والدفاع عن الوطن بكل ما أوتينا من قوة. الناظر في أحداث الحرب العالمية الثانية يرى بوضوح كيف تصدت الشعوب للغزاة وكيف عوقب الخونة الذين تعاونوا مع الأعداء، سواء كانوا من داخل مؤسسات الدولة أو من خارجها. لبنان، الذي يعاني من الاحتلالات المتعددة منذ عام 1968، يمكنه أن يستفيد من هذه الدروس التاريخية ليعي حقيقة الوضع الراهن والمخاطر التي تتهدده.
الحرب العالمية الثانية والخونة
خلال الحرب العالمية الثانية، شهدت العديد من الدول الأوروبية احتلالاً نازياً مدمراً، وللأسف، تعاون بعض القادة والمسؤولين مع المحتلين على حساب أوطانهم. ومن بين هذه الدول، نجد فرنسا وإيطاليا والنرويج وهولندا وبلجيكا، حيث تعاونت حكومات وأفراد مع النازيين، ولكن مصيرهم كان مظلماً بعد انتهاء الحرب.
فرنسا: حكومة فيشي
في فرنسا، أقام النظام النازي حكومة فيشي بقيادة فيليب بيتان، الذي خان وطنه بالتعاون مع المحتل. بعد تحرير فرنسا، تم القبض على بيتان ومحاكمته بتهمة الخيانة، وحُكم عليه بالإعدام، قبل أن يُخفف الحكم إلى السجن المؤبد. محاكمة بيتان كانت رسالة واضحة أن الخيانة لن تمر دون عقاب.
النرويج: فيدكون كفيشلينغ
في النرويج، أصبح اسم فيدكون كفيشلينغ مرادفاً للخيانة بعد أن تعاون مع النازيين وأسّس حكومة عميلة لهم. بعد الحرب، تم القبض على كفيشلينغ ومحاكمته بتهمة الخيانة، وأُعدم في أكتوبر 1945. قصته تُظهر أن التاريخ لا ينسى الخونة.
إيطاليا: بينيتو موسوليني
إيطاليا بقيادة بينيتو موسوليني كانت حليفاً رئيسياً لألمانيا النازية. بعد سقوط موسوليني، أُنشئت حكومة جمهورية سالو العميلة للنازيين. في نهاية المطاف، تم القبض على موسوليني وإعدامه على يد المقاومة الإيطالية. هذا المصير كان حتمياً لكل من خان وطنه لصالح الاحتلال.
دروس للبنان: الخيانة والاحتلالات المتعددة
اليوم، يواجه لبنان تحديات مشابهة لما واجهته هذه الدول. منذ عام 1968، يعاني لبنان من الاحتلالات المتعددة، بدءًا من الاحتلال الفلسطيني ثم الإسرائيلي، يليه الاحتلال السوري، وأخيراً الاحتلال الإيراني الذي يستخدم البلاد لخدمة أجنداته الخاصة. الوضع في لبنان يشبه بشكل كبير ما حدث في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية: تقويض الدولة، استغلال المؤسسات، وتعاون بعض الأفراد مع المحتل على حساب مصلحة الوطن.
أوجه الاحتلال المختلفة
كل هذه الاحتلالات كانت دائماً ذات أوجه متعددة. بالإضافة إلى السيطرة العسكرية واستخدام السلاح، تم تعطيل مؤسسات الدولة وتوجيه عملها فقط في خدمة المحتل. تم ضرب الاقتصاد وتنفيذ سياسات الإفقار والتجويع. الأخطر من ذلك كان تغيير عقيدة وفلسفة الدولة والشعب عبر بث أفكار مسمومة هدفها ضرب العقيدة اللبنانية، والتي هي روح الدولة والشعب. تم شراء وسائل الإعلام واستعمالها لغسل الأدمغة، لجعل الكذب حقيقة، ولتحويل القضايا الأساسية والمصيرية إلى سيرك مباشر على هواء الشاشات. تم ضرب العدالة والعدالة الاجتماعية بتعطيل المحاكم، ورفع شأن الفاسد والخائن مقابل إذلال أصحاب الحقوق والمواطنين الشرفاء. جميع هذه الأدوات تجتمع في خدمة المحتل ومشروعه، وحماية الباطل على حساب الحق. إضافة إلى ذلك، استُخدم كتّاب ومحللون مأجورون يحاربون المنطق عبر طرح أفكار ذمية من خلال نافذة المحتل.
مصير الخونة والمتعاونين
التعاون مع الاحتلال هو خيانة للوطن، ويجب أن يكون مصير الخونة واضحاً للجميع. كما عوقب الخونة في فرنسا، النرويج، وإيطاليا، يجب أن يدرك اللبنانيون أن التعاون مع أي محتل لن يمر دون حساب. الخيانة تضعف الدولة وتزيد من معاناة الشعب، وتاريخنا يعلمنا أن الوقوف في وجه المحتلين والمتعاونين معهم هو السبيل الوحيد للحفاظ على سيادة الوطن.
دعوة للوحدة والمقاومة
على الشعب اللبناني أن يتحد ويقف صفاً واحداً في وجه الاحتلال والتعاون معه. يجب علينا أن نتعلم من تاريخ الشعوب الأخرى ونرفض التعاون مع المحتل بأي شكل من الأشكال. سيادة لبنان واستقلاله هما خط أحمر، وكل من يتعاون مع المحتل يجب أن يُحاسب بشكل صارم.
الخاتمة
في النهاية، تبقى العبرة الأهم من التاريخ أن الخيانة لن تجلب إلا الذل والخزي، وأن الوقوف مع الوطن والدفاع عنه هو السبيل الوحيد للحرية والكرامة. على كل لبناني أن يختار اليوم إما الحرية والسيادة وتقوية لبنان عبر تقوية دولته ومؤسساته أو فهو عدو مثله مثل أي محتل. لا مساومة على الشرف والوطن هو شرف لأن شرفنا وشرف لبنان واحد. ليتعلم اللبنانيون من تاريخهم ومن تاريخ الشعوب، وليرفعوا راية المقاومة والصمود ضد كل من يحاول المساس بسيادة لبنان واستقلاله.
الفرد بارود
Comments