
سعادة السفير البابوي في لبنان المونسنيور جوزف سبيتيري السامي الإحترام،
نرفع إليكم نداءنا البنوي، آملين أن يلقى أذاناً صاغية، وبعد.
تزامنأً مع الأحداث والنكبات التي تعصف بالمسيحيين عموماً والموارنة خصوصاً في لبنان، نجد أنفسنا ملزمين، إنطلاقاً من إيماننا بالدور الرسولي والعلماني والوطني الملقى على عاتقنا، كمناضلين لترسيخ جذورنا في هذه الأرض المقدسة، بأن نوجه كتابنا هذا الى سعادتكم للإضاءة على الوضع المأساوي الذي وصل اليه مجتمعنا مترافقاً مع حالة من إلاحباط العام بسبب تراكم الأزمات التي فتكت بوطننا بدءً من سنة ١٩٦٧ ومروراً بسنة ١٩٧٥ وإنتهاءً بإنتفاضة الشعب اللبناني التي تلاها حجز وسرقة أموال المودعين في المصارف، ومن ثم أزمة الكورونا، فإنفجار مرفأ بيروت، والأزمة الاقتصادية التي أودت بالكيان اللبناني الى الحضيض نتيجة الفساد الذي استشرى في كل مفاصل الدولة والمؤسسات الدينية والمدنية، فأدى هذا الفسق الى إنهيار غير مسبوق للعملة الوطنية وللدولة بشكل عام وبالتالي إضمحلال الطبقة الوسطى مما أوصل نسبة الفقر الى رقم يتجاوز ال٧٠% من الشعب المقيم.
من وسط المعاناة، ومن خلف الوجع العاصف ببيوت أهلنا ومواطنينا القابعين خلف جدران الصمت، بعد أن وجدوا أنفسهم وحيدين لا معيل لهم ولا معين، نتوجه إلى سيادتكم بهذه الرسالة، لنطلعكم أكثر عن سبب الهزيمة والإفلاس الذين نحن واقعين فيهما.
كنا في الماضي، الشريحة الأقوى على كافة الصعد، فتنازل الممسكون بزمام المسؤوليات، السياسية والدينية، عندنا عن الصلاحيات الرئاسية بالطائف فبُلينا بالخسران، وكان لنا أهم بنك أدمغة فَهُجِرْ أصحابه وإستبعدوا، وكان لدينا الحزب الأقوى فإرتهن القادة للتبعية والممانعة، وكان لدينا أكبر ألة عسكرية فباعوها بعدما غرقنا في الدمار الذاتي، أنشأنا أكبر قطاع مصرفي في المنطقة فحوله السماسرة أداة نصب على جنى عمر الناس، وحَمَى رعاة الدين والنظام السياسي القائم اركانه الفاسدين، وكان لدينا أهم رهبنة حراسها قديسين ومقاومين، فحولها الوصوليون منفى لنخبة الرهبان بالطائفة، ناهيكم عن المحسوبيات وعدم تعيين الشخص المناسب في الموقع المناسب، اضافة الى المتاجرة بالقدسيات أي السيمونية، وأعتُمِدَتْ الأساليب الملتوية في التعاطي مع شؤون الناس في كثير من الأوقات، فدُمرت القيم والاخلاق والرعية وازدهرت الهجرة وتنامى الفقر وفرغت ثلاجات الناس من الطعام وإستوطنت الظلمة زوايا بيوتنا التي بات أغلبها مأهول بكبار السن والعجائز.
وفي خضم هذه الأحداث، يتطلع شعبنا بكثير من الأمل الى الانتخابات القادمة للرهبانية اللبنانية المارونية، التي طالما شكلت المدماك الأساسي للتجذر في أرضنا ومقاومة الظلم والإحتلالات، وذلك نظراً للتراجع الفاضح في الدور الإكليريكي والرهباني والرسولي قياساً الى ماضي مجيد جسده رجالات الكنيسة والرهبنة، كانت لهم وقفات مجيدة الى جانب شعبهم في المآزق والازمات من تاريخنا العريق. فَجُّلْ ما نتوخى من سعادتكم، ونحن نواجه الانهيار التام والهجرة والجوع، السعي لإختيار سلطة جديدة تكون على مستوى تطلعات وطموحات رعايانا في مواجهة الخطر الوجودي الذي يدق ابواب الكنيسة والوطن، وبالتالي العمل لإنتخاب الشخص المناسب في المكان المناسب بغية إعادة تفعيل المؤسسات المهددة بالإنهيار لكي تواصل خدمة شعبها في هذه الظروف المأساوية. فالملفات السوداء المتراكمة والتي وصلت أصداؤها الى الدوائر الفاتيكانية والتي نتفادى التطرق إليها في الاعلام، تجسد بوضوح سوء إستعمال السلطة الرهبانية تجاه الجماعة الرهبانية والرعية.
على ضوء كل ذلك، نتمنى عليكم أن يكون لكم المساهمة الحاسمة لخلق روحية تغيير بوجوه قيادة جديدة، فتكون البداية لبعث نفحة من الايمان والرجاء والمحبة في صميم الرهبنة والمجتمع ونهضة لفيف بيت مارون الاكليريكي في لبنان.
مع كامل المحبة والتقدير، تفضلوا بقبول وافر الأحترام.
المناضل والناشط المؤمن
جورج يونس
コメント