القانون الدستوري هو فرع من أصول فروع القانون العام الداخلي الذي يوضِح شكل وأصول الدولة وطبيعة ممارسة النظام في داخلها،كما يُحدِّدْ سلطاتها وآلية ممارسة عملها السياسي.كما يوضِّح القانون الدستوري الحريات الأساسية للمواطنين أو الرعايا المقيمين والواجبات الملقاة على عاتقهم تجاه الدولة.إنّ العلوم السياسية تُقِّرْ أنّ القانون الدستوري يُمثِّلْ الإرادة العليا للمجتمع،ممّا يُكسِبُها صفة القواعد الآمرة التي لا تترك للفرد أو لأي جماعة سياسية مخالفتها،حيث من المُسلّمْ به أنّ كل قاعدة قانونية تتعلق بالنظام العام هي قاعدة أمرة يترتبْ عن مخالفتها جزاء مادي ومعنوي تقرّه السلطة العامة.
من المتعارف عليه قانونيًا أنّ تطوّر المجتمعات البشرية والفكر الإنساني – السياسي جعلا من الأمور المحتمّة وجود قانون ينظم العلاقة بين الدولة والمواطنين من جهة،وبين الدولة والدول الأخرى من جهة أخرى.وهذا القانون يُسمّى دستور،ولا يجوز التلاعب به لأنه القانون الضابط للمسؤول السياسي وللفرد والمجتمع،والمكتوب من أجل تنظيم شؤون الوطن ومؤسساته الشرعية المدنية والعسكرية،وهو أعلـــى سلطة قانونية في الدولة السيّدة المستقلّة وإليه يرجع الإحتكام لا الإهمال أو القراءات الإستنسابية،وبهذا فكل فعل يصدر بعد إقراره لا يتفق مع بنود نصوصه لا يُعتّدْ به حتى ولو صدر من أعلـــى سلطة في البلاد.
تاريخيًا دستور الجمهورية اللبنانية كُتِبَ وعُدِّلَ أكثر من مرّة،وهو فعليًا وعمليًا القانون الأساسي للجمهورية اللبنانية والذي إعْتُمِدّ منذ الإستقلال والذي تمّ تعديله في العام 1991،بعد حرب ضروس أفقدتْ بعض المكوّنات السياسية بعض الإمتيازات التي لم تُحافظ عليها في لحظات طيش وقلّة نظر ومصالح خاصة على حساب المصلحة اللبنانية العامة وتحديدًا مصلحة المسيحيين.الذي يعنيني كباحث سياسي وكناشط في الشأن العام مرحليًا ما يتُّم تداوله في بعض الأروقة حيث لاحظتُ مع العديد من اللبنانيين ومن خلال مواظبتي على متابعة وقائع الأحداث وتحديدًا الإستحقاقين المرتقبين ألا وهما : الحدث الأول المُلِّح وهو عملية إستكمال تشكيل الحكومة بعد مرحلة الإنتخابات الأخيرة على ما ينص عليه دستورنا، والحدث الثاني الإستحقاق الرئاسي الداهم أي بعد فترة شهر من تاريخه. الكلام في هذه المرحلة يكثُر عن إجتهادات يبتدعها أو يُلوّح بها وعلى لسان مراجع رسمية شبه رسمية تتناقلها وسائل الإعلام الرسمية والعادية مفادها أنّ فخامة رئيس الجمهورية سيُصدر مرسوم قبول إستقالة الحكومة الحالية،هذا الأمر بالنسبة إليَّ ليس مؤكدًا،إنما من باب الواجب المهني والوطني وبعد هذه المعمعة أريد أنْ أستشهد بالدستور ومن باب مُحاجة الساسة والذين يُسوّقون لهذه الفكرة،والرد عليهم بالحجة القانونية.
الدستور اللبناني على ما بات معلومًا من الجميع وحتى من الذين يقرأون غُــبّ الطلب يتضمن العديد من الأبواب ومنها مقدمته،الفصل الأول:الدولة وأراضيها،الفصل الثاني:اللبنانيّون وحقوقهم،الباب الثاني:السلطات،الفصل الأول أحاكم عامة،الفصل الثاني:السلطة المشترعة،الفصل الثالث:أحكام عامة،الفصل الرابع:السلطة الإجرائية-أولا رئيس الجمهورية،ثانيًا- رئيس مجلس الوزراء،ثالثًا- مجلس الوزراء،الباب الثالث: أ - إنتخاب رئيس الجمهورية،ب – في تعديل الدستور،ج- أعمال مجلس النوّاب،الباب الرابع:تدابير مختلفة أ – المجلس الأعلى،ب – في المالية،الباب الخامس : أحكام تتعلق بالدولة المنتدبة وبعصبة الأمم (ملغى)،الباب السادس:أحكام نهائية مؤقتة.
بالعودة إلى ما يُثار مرحليًا وعلى ذمّة ناقلي الخبر والذي يفيد أن فخامة رئيس الجمهورية سيُصدر مرسوم قبول إستقالة الحكومة الحالية، أود أنْ أستند إلى النص الدستوري وتحديدًا المادة ( 69 ) والتي تنص على :
"تعتبر الحكومة مستقيلة في الحالات التالية :
1. إذا إستقال رئيسها .
2. إذا فقدت أكثر من ثلث أعضائها المحددة في مرسوم تشكيلها.
3. بوفاة رئيسها .
4. عند بدء ولاية رئيس الجمهورية .
5. عند بدء ولاية مجلس النوّاب .
6. عند نزع الثقة منها من قبل المجلس النيابي بمبادرة منه أو بناء على طرحها الثقة .
7. تكون إقالة الوزير بمرسوم يوقعه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بعد موافقة ثلثي أعضاء الحكومة .
8. عند إستقالة الحكومة أو إعتبارها مستقيلة يصبح مجلس النوّاب حكمًا في دورة إنعقاد إستثنائية حتى تأليف حكومة جديدة ونيلها الثقة . "
نظرًا لغياب المنطق القانوني وللسلطنة اللامشروعة المهيمنة من قبل السياسيين على مختلف إدارات الدولة، والأمر الذي يترافق مع غياب مبدأية المنطق المؤسساتي لحل أي نزاع وتحديدًا النزاع القائم حاليًا ألا وهو عدم تشكيل الحكومة بعد أنْ أجريِتْ الإنتخابات النيابية،وهذا أمر مخالف للدستور ومنافٍ لإنتظام العمل السليم للإدارات الرسمية وبالتالي ينعكِسْ الأمر على فقدان النظام السياسي اللبنانيإستقراره وهذا ما أدّى إلى تعطيل عمل المؤسسات الدستورية ومنها العرقلة المصطنعة في مهمّة تشكيل الحكومة. إنّ مبدأ إعتماد الحكومة مستقيلة والبناء عليه وإتخاذ القرارات إستنادًا للفقرة الخامسة من المادة (69)،سيأخذ جدلاً نحن بغنى عنه وسيدخلنا في منطق زعامات قائم على التعطيل المتبادل والإجتهاد والإجتهاد المُضاد من أجل تحقيق المكاسب الشخصية وسيؤدي الأمر إلى ضرب العمل السياسي المُنتظم لمؤسسات الدولة وتهديد مصالح الناس المشروعة.كفى أيُّها السّادة مهما كانتْ وظائفكم في الدولة تفسيرات عشوائية وغُـبّ الطلب للدستور اللبناني، إتقّوا الله ...
Comments