top of page

لماذا تُضغط مساحات الحرّيّة في لبنان؟ ومَن يحرس حقوق الناس عندما تتقلّص؟


مارونايت نيوز - لبنان - يُجمع القانون العام على أنّ الحقّ والحرّية مطلبٌ أساسيّ لكلّ إنسان. فالحرّيّة، مهما اختلف الانتماء الدينيّ أو المهنيّ، هي «قوت الأرواح». ولهذا اقترن مفهوم «حقوق الإنسان» بالحقّ الطبيعيّ الذي لا يتعارض مع الدساتير والمواثيق والأعراف، بل يسمو عليها باعتباره قيمة إنسانيّة سامية تلازم الإنسان لكونه إنسانًا.

كلمة «حقّ» نفسها تحمل بُعدًا أخلاقيًّا: الاعتداء عليها هو اعتداءٌ على سائر القيم التي يتشبّث بها صاحبُها. وانطلاقًا من هذا البعد، نحصر هنا الحرّيّات الخمس التي يصونها القانون:

  1. حرّيّة التعبير.

  2. حرّيّة المعتقد الدينيّ.

  3. حرّيّة الصحافة المسؤولة.

  4. حرّيّة التجمّع السلميّ.

  5. حرّيّة رفع العرائض إلى السُّلطات.

على أيّ سلطة شرعيّة تمارس سيادتها أن تنشر ثقافة احترام حقوق الإنسان، وتُعزّز وعي المجتمع بقيمة إبداء الرأي الذي لا يتعارض مع القوانين، من دون المساس بحقوق المواطنين أو الإعلاميّين.

غير أنّ الوقائع المتواترة عبر الإعلام ومنصّات التواصل تكشف اتّساع دائرة القلق: تضييقٌ متزايد على حرّيّة التعبير، وقمعٌ للحريّات الفرديّة والعامّة، وتراجعٌ خطير في معايير حقوق الإنسان في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ لبنان.

استدعاء الناشطين والإعلاميّين بسبب مقالات أو مواقف توصّف الأزمات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، وملاحقةُ مواطنين بتُهَم جائرة، واستعمالُ القضاء بصورة انتقائيّة—allها مؤشّراتٌ إلى نهجٍ استبداديّ مرفوض.

إنّ ما يحدث اعتداءٌ مباشر على حقّ التعبير الذي كفلته الشرعة الدوليّة، ولا يَحقّ لأحد أن يرفع دعوى انتقائيّة ضدّ صحافيّ أو مواطن لمجرد إبداء رأيه. تسييس القضاء مرفوضٌ جملةً وتفصيلًا.

لذلك نعيد التذكير:

  • حرّيّة التعبير القانونيّة تعني توصيف الأمور كما هي.

  • لا يجوز استدعاء أيّ مواطن أمام جهة غير مختصّة.

  • على المؤسَّسات الرسميّة احترام المواطنين وتجنّب الفوضى والانتقائيّة والتسييس.

  • وعلى كلّ متقاضٍ أن يلتزم بواقع القانون لا بواقع النفوذ.

معركتنا كناشطين هي الدفاعُ عن الحريّات التي كفلها الدستور والمواثيق الدوليّة، ومقارعةُ القمع بالفكر والقانون. وعلى المؤسَّسة القضائيّة أن تحترم القوانين التي تستظلّها، والتزاماتها الداخليّة والدوليّة، وبخاصّة صَون حقوق الإعلاميّين وسائر المواطنين، ووقف الممارسات التي تسيء إلى سمعة الدولة.

نحن في دولة، لا في ميليشيا؛ في مؤسَّسة، لا في سوق صفقات.والدولة تُبنى بقضاء مستقلّ، وبمسؤولين لا يبيعون الأرض والعرض... ولا يجرّون العميان باسم القيم إلى عولمةٍ جوهرُها ضدّ الإنسان.


د. بول حامض

الصورة: getty-images-ZKLnvzcbp-A-unsplash

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page