top of page

ماذا يعني شعار 2030 الذي رفعته بعض البلديات خلال الانتخابات الأخيرة؟

مارونايت نيوز - شعار تكرّر على أكثر من لائحة، في أكثر من بلدة، وكأنه قرار موحَّد أو توجيه منسَّق.لكن، ما المقصود بهذا الرقم؟ وهل يملك رؤساء المجالس البلدية المنتخبون رؤية واضحة للسنوات القادمة حتى يتبنَّوا هذا الموعد؟هل يعلم المواطن فعلاً ما الذي ينتظره حتى سنة 2030؟هل دُرِس هذا الشعار ضمن خطط تنموية محلية واضحة، أم أنّه مجرد تقليد لخطابات عالمية لا علاقة لها بالواقع البلدي اللبناني؟

بعد أيام قليلة من صدور النتائج، زار عدد من رؤساء البلديات سفارة أجنبية.ما الغاية من تلك الزيارة؟هل جاء اللقاء في سياق دعم مشاريع بلدية، أم في إطار تنسيق أوسع قد يرتبط بتغييرات تدريجية في نمط عيش الناس، وفي طريقة إدارة أملاكهم وحرياتهم تحت عناوين مثل "التحوّل الرقمي"، و"الاستدامة"، و"التحديث الحضري"؟

السؤال الجوهري يبقى:هل يعلم المواطن أن بعض هذه العناوين قد تخفي خلفها تحوّلات تمسّ حريته وملكيته؟وهل إدراج شعار 2030 في الحملات الانتخابية كان اجتهاداً عفوياً من بعض اللوائح، أم نتيجة توجيه من جهة خارجية تُمهِّد لتغيير أكبر؟

2030 في العالم تعني مرحلة مفصلية:رقابة رقمية، تحوّل اقتصادي، تغييرات اجتماعية.لكن، ما الذي يُقصَد فعلاً بهذه التحوّلات؟ وما هو تأثيرها على حياة الناس؟

من الأفكار المتداولة في الأوساط الدولية، وخاصة عند المنتدى الاقتصادي العالمي، مقولة لافتة: "لن تملك شيئًا، وستكون سعيدًا."الفكرة تقوم على أن الإنسان لن يحتاج لامتلاك بيت أو سيارة أو حتى أدواته الخاصة. كل شيء يمكن استخدامه كخدمة مؤقتة:

·        البيت يُستأجَر.

·        السيارة تُشارَك.

·        الثياب، الأدوات، وحتى الأجهزة تُستعمل ثم تُعاد.

هذا النموذج يُروَّج على أنه "مستقبلي" و"مستدام"، لكنه يعني ببساطة أن الناس قد تفقد حقّها في التملّك، وتصبح تابعة لمن يملك المنصّات والخدمات.وحين تفقد الملكية، تفقد معها شيئًا من الاستقلال.

وفي الوقت نفسه، هناك توسّع غير مسبوق في الرقابة الرقمية:

·        كاميرات، بطاقات، تتبّع حركاتك، تسجيل مشترياتك، مراقبة تفضيلاتك.كل ذلك يُبرَّر باسم "الأمن" أو "التنظيم"، لكن الحقيقة أن المواطن يُحاصَر أكثر فأكثر بأنظمة رقمية لا يدري من يتحكّم بها.

وهنا يعود السؤال الأهم:هل شعار "2030" الذي ترفعه بعض بلدياتنا يمهّد لمثل هذه المنظومة؟وهل يعرف المواطن أن البلدية قد تتحوّل، في هذا السياق، من مؤسسة خدمية إلى أداة تنفيذ لتوجّهات لا تشبه بيئته ولا تاريخه ولا حريته؟

الموضوع ما عاد مجرّد رقم على يافطة انتخابية.الموضوع يتعلّق بمستقبل أولادنا، وبحقّنا في أن نعيش بحرية، ونملك أرضنا، ونختار كيف نعيش.

يبقى المطلوب من كل مواطن اليوم أن يسأل، ويفهم، ويتابع.ليس كل شعار لامع يعني مستقبلًا أفضل، ولا كل "خطة" مفروضة من الخارج تناسب خصوصيات مدننا وبلداتنا.المعركة الحقيقية في السنوات القادمة ليست فقط على مشاريع تعبيد أو إنارة، بل على شكل الحياة نفسها: من يملك؟ من يقرر؟ ومن يراقب؟

البلدية مش دفتر خدمات، بل خط الدفاع الأول عن حريتك وملكيتك وهويتك.وإذا تُركت في يد من يُنفّذ دون أن يسأل، قد تتحوّل إلى بوابة عبور لما هو أخطر بكثير من حفرة في الطريق.

وعي الناس هو البداية.ومتى فهم الناس ما يُحضَّر باسم "التنمية"، يصبح التغيير الحقيقي في أيديهم… لا في أيدي غيرهم.

المحامي الفرد بارود

الصورة: zulmaury-saavedra-zh0J32MrJfA-unsplash


Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page