إدخال لبنان في محاور متصارعة يعزز المخطط المنسوب إلى هنري كيسنجر
مارونايت نيوز - يتداول البعض منذ سنوات طويلة مصطلح "مخطط كيسنجر" كإطار نظري لتفسير التحديات والانقسامات التي عاشها لبنان منذ سبعينيات القرن الماضي. ينسب هذا المخطط إلى هنري كيسنجر، وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، والذي ارتبط اسمه بسياسات الشرق الأوسط خلال فترتي حكم الرئيسين الأمريكيين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد. فهل حقاً هناك مخطط استهدف لبنان وجعله رهينة للتقسيم الطائفي؟
جاء طرح بكركي لمبدأ الحياد كخطوة لحماية لبنان وجميع اللبنانيين
أهداف المخطط المزعوم
يقال إن هذا المخطط سعى إلى تقسيم لبنان على أسس طائفية، مما يُضعف الدولة المركزية ويجعل لبنان دولة هشة يسهل السيطرة عليها. البعض يرى أن إشعال الصراعات الداخلية بين الطوائف اللبنانية قد يكون جزءاً من هذه الاستراتيجية، حيث تصبح كل طائفة أكثر ارتباطاً بجغرافيتها وتحكمها، بدلاً من تعزيز الهوية الوطنية الموحدة.
فكرة الكانتونات والكيانات المستقلة
تشير بعض النظريات إلى أن الهدف من "مخطط كيسنجر" هو تحويل لبنان إلى مجموعة من الكيانات الصغيرة أو "الكانتونات"، بحيث تكون كل منطقة تحت حكم طائفي مستقل. هذه الفكرة تعني تقسيم البلاد إلى أجزاء منفصلة، ما يضعف سيادتها ويمنعها من تكوين دولة مركزية قوية. هذا السيناريو يجعل لبنان أكثر عرضة للتأثيرات الخارجية، إذ يسهل التدخل في شؤون الكيانات المتفرقة بدلاً من التعامل مع دولة موحدة.
إن عودة الدولة اللبنانية المركزية قويةً تعيد خلط الأوراق وتشكل الرادع الأول والمقاومة الأولى في وجه جميع الأطماع بلبنان
تأثير المخطط على دور لبنان الإقليمي
يشير البعض إلى أن تهميش لبنان عن القضايا الإقليمية، وبالأخص الصراع العربي-الإسرائيلي، كان هدفاً آخر لهذا المخطط. وجود لبنان كدولة ضعيفة ومقسمة يجعل من الصعب عليه أن يكون طرفاً فعالاً في أي معادلة إقليمية، مما يضمن استقرار جبهة الشمال الإسرائيلي بشكل أكبر.
حقيقة المخطط أم مجرد نظرية؟
رغم غياب الأدلة الرسمية على وجود "مخطط كيسنجر"، يرى البعض أن السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط دعمت تقسيم النفوذ وتقليص قوة بعض الدول في المنطقة، ومنها لبنان. وقد أدى ضعف الدولة اللبنانية إلى نتائج تتماشى مع أهداف المخطط المزعوم، مما جعل النظرية تكتسب زخمًا بين المحللين والمهتمين بالشأن اللبناني.
ما هو الواقع اليوم؟
سواء كان مخطط كيسنجر حقيقة أم مجرد نظرية مؤامرة، فإن لبنان يواجه اليوم تحديات متواصلة في ظل الانقسامات الطائفية والتأثيرات الخارجية. في هذا السياق، جاء طرح بكركي لمبدأ الحياد كخطوة لحماية لبنان وجميع اللبنانيين، إذ إن إدخال لبنان في محاور متصارعة يعزز المخطط المنسوب إلى هنري كيسنجر. إن عدم التجاوب مع طروحات الحياد، إن خدم أحدًا، فهو يخدم بكل تأكيد أعداء لبنان وأعداء الكيان اللبناني المنفتح والمسالم.
من هذا الواقع، فإن عودة الدولة اللبنانية المركزية قويةً تعيد خلط الأوراق وتشكل الرادع الأول والمقاومة الأولى في وجه جميع الأطماع بلبنان. إن قرار تسليم جميع السلاح إلى الدولة اللبنانية وانتخاب رئيساً للجمهورية اللبنانية يمثلان أقوى سلاح وأقوى مقاومة لأي اعتداء، ويشكلان سداً منيعاً في وجه ما حيك وما يُحاك ضد لبنان. يبقى الحل في وحدة اللبنانيين، وتمسكهم بهوية وطنية واحدة، لضمان مستقبل أكثر استقرارًا للبنان، بعيداً عن المشاريع الإقليمية والدولية التي تستهدف وحدته.
الفرد بارود
الصورة: clara-rayes-jjFa2Y0EH1o-unsplash
Comments