top of page

هل يُغيّر النزوح الداخلي ملامح لبنان الطائفية؟

ree

مارونايت نيوز - لبنان - يشهد لبنان اليوم واحدة من أخطر موجات النزوح الداخلي منذ عقود، بعدما تحوّلت مناطق بأكملها إلى ساحات مفتوحة للقلق والخوف. فالجنوب، والضاحية الجنوبية لبيروت، وبعض مناطق البقاع، تعيش منذ أشهر تحت تهديد دائم يدفع الأهالي إلى ترك منازلهم واللجوء إلى أماكن يرونها أكثر أماناً.

تقديرات دولية، منها ما نشره مركز Carnegie Endowment، تشير إلى أنّ عدد النازحين داخل لبنان تخطّى المليون شخص في فترات الذروة، فيما يؤكد المركز الدولي لرصد النزوح الداخلي (IDMC) أنّ أكثر من 985 ألف شخص يعيشون اليوم في نزوح دائم داخل بلدٍ صغير المساحة، كبير الأزمات.

لكن النزوح في لبنان ليس مجرد انتقال جغرافي مؤقت، بل خطرٌ حقيقي على التوازن الاجتماعي والطائفي. ففي بلدٍ بُني على حساسية التركيبة السكانية، قد يتحوّل هذا النزوح الطويل إلى عاملٍ يُعيد رسم حدود الطوائف، ويُبدّل المشهد الديموغرافي في مناطق بأكملها. هل يمكن أن يستقرّ النازحون في أماكنهم الجديدة؟ وهل ستصبح بعض المناطق «مختلطة» أكثر أو بالعكس أكثر تجانسًا طائفيًا؟

المشكلة لا تقف عند حدود الهجرة من مكان إلى آخر، بل تتعدّاها إلى سؤال الوجود والهوية. فهل يعود الناس إلى منازلهم إذا طالت الحرب أو تدمّرت البنى التحتية؟ وماذا لو وجدوا في مناطق نزوحهم فرصاً أفضل للعيش أو حماية أكبر لعائلاتهم؟ عندها، هل نكون أمام حركة تهجير غير معلنة تعيد رسم الخريطة اللبنانية بصمت؟

العودة، حتى الآن، تبدو فكرة أكثر منها واقعاً. فالدمار، وانعدام الخدمات، وتراجع الأمان يجعل العودة صعبة. ومع الوقت، يصبح المؤقت دائماً، وتتحول الأزمة من إنسانية إلى سياسية.

يبقى السؤال المفتوح: من سيضمن أن النزوح الحالي لن يتحوّل إلى تثبيت جديد لواقع جغرافي وطائفي مختلف؟ وهل تدرك الدولة — إن كانت ما تزال موجودة كجسم فعّال — أن ما يحدث اليوم قد يُكتب غداً في تاريخ لبنان كأخطر تبدّل سكاني منذ الحرب الأهلية؟

الصورة: getty-images-6ZpU3iprtg0-unsplash


Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page