top of page

انت الصخرة بقلم جورج يونس


​على الرغم من كل شيء يبقى باب الرجاء موجوداً بإنتظار ان يفتحه الراعي الصالح.

اقول ما اقوله وانا المواظب الدائم على انتقادي لمواقف وتصرفات رؤسائنا الدينيين، وليس لتعاليم المسيح طبعاً، وذلك بسبب الضياع والدَرْكِ المذري الذي وصل اليه شعبنا نتيجة تلكوئهم، بحيث بات يفضل الموت خلف ابواب الصمت والحيطان المُعتمة على ان يذل على أبواب اللا رأفة.

اقول ما اقوله وانا لا ازال محافظاً على علاقاتي الوطيدة بالكثير من رجالات الاكليروس والرهبنة، الذين لا يصلون ويقرؤون الانجيل فحسب، انما يتقصدون ان يمتثلوا بحياة المخلص ومسيرة القديسين، وان يحيوا نفس المعاناة التي يعيشها شعبهم! وهم لذلك، يستمرون بمنحي بركتهم كلما رفعت الصوت في مواجهة الظلم الذي نتعرض له، بمنأى عن التجاهل المقنع لمن يفترض فيهم ان يحملوا مجد الرعية والوطن.

بالامس القريب، تلقيت دعوة مشكورة، من احد رؤساء الاديرة في الشمال، للقاء فغداء، فقبلتها بالرغم من امتناعي هذه الفترة عن المناسبات. كان اللقاء زاخراً بالمواضيع الوطنية ومن بينها تبادل المعلومات عن وضع الناس المأساوي هذه الايام.

بعد حين، قرع جرس الدير، ايذاناً بجهوزية المأدبة. وحينما وصلنا الى قاعة الطعام، وجدت، على غير المعتاد، اطباق منمنمة وكافية لعدد الاشخاص المشاركين، تمامأً كالسفر البسيطة التي تحضر في هذه الايام القاحلة في منازلنا. حينها استأذنت رئيس الدير، قبل الصلاة، لأخذ صورة للحاضرين، فتمنى عليَ بإصرار ومحبة قائلاً: "خذوا ما تريدونه من الصور، لكن دون المائدة على تواضعها يا ابنائي، ففي مجتمعنا العديد من العائلات، باتت محرومة من ابسط المواد الاساسية واضحت غير قادرة حتى على تأمين غذائها اليومي الكافي".

في تلك اللحظة، تذكرت المسيح حين علمنا بأن: "كونوا ودعاء ومتواضعي القلب كما ابوكم الذي في السماء"، ومن ثم رأيته مشاركاً معنا على المائدة المتواضعة وهو يقول لبطرس "انت الصخرة وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي وابواب الجحيم لن تقوى عليها"، وادركت ان التواضع والانسانية والمحبة، لا زالوا يعطروا أثواب الكثيرين من كهنتنا ورهباننا على امتداد انتشارنا في هذه الارض المقدسة.

لك ولامثالك يا أبتي الجليل نقول، ببركة الميرون والقربان المقدس، وتعاليم انجيلنا، وعمق رسالتكم، وسعة ثقافتكم ومحبتكم لبيعتكم، نحن فقط لمستمرون، ولكم منا كامل المحبة والتقدير والاحترام.

0 comments
bottom of page