أخطر من سلاح حزب الله

حين تُفتح الدفاتر يسقط السلاح

بقلم الفرد بارود (Alfred Baroud)

مارونايت نيوز - الإعلام الذي يدخل كل بيت لا يكتفي بالتغاضي، بل يشارك في التعمية. يملأ الشاشات كلامًا عن الفساد، لكن كخبر عابر، كمادة إعلامية مستهلكة، لا كجريمة منظّمة لها رأس واضح يجب تسميته. يتشدّق منظرون وسياسيون بانتقاد الفساد، لكنهم يتوقفون دائمًا قبل الوصول إلى أصل الداء.

كثرة الكلام عن الشر من دون حلول لا تضعفه، بل تمنحه شرعية الاستمرار. من يهاجم الفساد أو السلاح غير الشرعي بالكلام فقط، من دون مواجهة جذورهما، لا يقاومهما، بل يساهم في حمايتهما.

السلاح سيتغيّر اسمه ورايته، وهذه ليست نبوءة بل قراءة في التاريخ. أليس هو نفسه السلاح الذي تطاول على الدولة أعوام 1958 و1967 و1973 و1975 و1996 و2008، وصولًا إلى اليوم؟ السلاح واحد، أما الرايات فتتبدّل بحسب المرحلة.

سيبقى هذا السلاح، براية جديدة، ما لم يُقتلع الفساد من جذوره.

وجذر الفساد واحد لا ثاني له: السرية المصرفية.

منذ الصغر، غُسلت عقولنا في المدارس، وجميعها، من دون استثناء، متواطئة مع هذا النظام، وكيف لا وهي في غالبيتها مملوكة من فاسدين؟ لُقّنّا أن السرية المصرفية “قدسية لبنانية”، وأنها ركيزة الاقتصاد، بينما هي في الحقيقة الغطاء الأوسع للنهب المنظّم. والمفارقة المضحكة المبكية أن يدافع الفقراء عنها، وهم أول ضحاياها.

تريدون دولة قانون؟

تريدون مواطنًا صالحًا يدفع الضرائب ويحترم القوانين؟

إذًا، الآن لا غدًا، تُلغى السرية المصرفية.

تُفتح كل الحسابات.

تُكشف كل القيود المالية.

تُدقّق كل الحوالات.

تُلغى السرية المصرفية لنعرف من أين جاءت هذه الثروات.

تُلغى لنعرف من تهرّب من الضرائب ومن سرق الودائع وكيف سُرقت.

تُلغى لنعرف من كان يعلم بالانهيار قبل وقوعه، فهرّب أمواله إلى الخارج.

تُلغى لنعرف كيف مُوِّلت شبكات السلاح، وكيف مرّت أموال الإرهاب عبر المصارف من دون مساءلة.

تُلغى لفضح الدول والمصارف المتواطئة التي استقبلت أموال السياسيين، ورجال الدين، وتجار المخدرات، ومبيّضي الأموال، وأموال التهريب.

لماذا هذا الصمت؟

وعلى ماذا هذا التصفيق؟

كل زعيم لا يطالب صراحة بإلغاء السرية المصرفية هو شريك فعلي في الفساد، مهما ارتفعت نبرته أو تبدّلت شعاراته.

ومن يسكت عن السرية المصرفية، لا يسكت عن تقنية مالية، بل يسكت عن كرامته وشرفه.