top of page

الموارنة أمةٌ عظيمة بقلم بسام ضو

Updated: Aug 9, 2022


تثير الأزمة الخانقة التي يتعرّض لها لبنان الموارنة تساؤلات كثيرة حول وضع الموارنة في لبنان وسائر المشرق . ومنذ أنْ أصبح للبنان أهمية خاصة كركيزة من ركائز الحياة السياسية في جامعة الدول العربية وفي هيئة الأمم ،أصبح للقادة الموارنة التاريخيين ( أمثال : فؤاد شهاب - بشارة الخوري – كميل شمعون – ريمون إده – بيار الجميِّل – سليمان فرنجيه – إتيان صقر – الأباتي شربل قسّيس – الدكتور فؤاد إفرام البستاني – إدوار حنين – الأباتي بولس نعمان – البطريرك مار نصرالله بطرس صفير - البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ، وغيرهم من عظماء الأمة المارونية ) حظوة إهتمام متزايد وقاموا بالمحافظة على الكيان اللبناني وتوسيع تحالفاتهم السياسية وشملت كل المذاهب الدينية من أجل الحفاظ على حرية وسيادة وإستقلال لبنان . أما اليوم فنحن ويا للأسف في فترة أنحطاط ومُحْلْ قــلَّ نظيرها تاريخيًا ، والقيادات المارونية الحالية تُسهم بشكل طوعي بتغزية خطوط العوائق السيادية التي تمنع المارونية السياسية من العودة إلى وهجها التي نشأت من أجله . حضور هذه القيادات الحالية يُسهم في تعطيل الحياة السياسية في لبنان ويُعطِّلْ النظام برمّته ، ويتراكم سجل التصدعات غداة إطلاق تصاريح من هنا وهناك ضمن تصعيد سياسي ماروني – ماروني يعيش على وقعه الموارنة اللبنانيّون ويخسرون حضورهم في مؤسسات الدولة يومًا عن يوم . إنّ الأمر الأكثر خطورة حاليًا هو هذا التحالف بين مكوّن سياسي ماروني يعتبر نفسه حافظ حقوق المسيحييحن والمبني على ثنائية عونية – حزب الله ، تخطّت قانون الأحزاب والجمعيات وقانون الدفاع الوطني والقانون الدولي الذي يرعى العلاقات الدولية بين الدول . وفي حال بقيت الأمور على ما هي عليه من تنكُّرْ للسيادة ومن ضرب للمؤسسات اللبنانية.


​الشرعية المدنية والعسكرية فإنّ الأمور ويا للأسف ذاهبة نحو الأسوأ تُسلِّط الأزمة الحالية الضوء على ظاهرة التصّدُع داخل الطائفة المارونية ، فالأزمة بعد إنتخابات العام 2018، بلغت ذروتها وفي واقعها تؤسِّسْ لخلاف مسيحي – مسيحي ركيزته مارونية وجوهره تناتش حصص وتجيير السيادة والدولة للغريب مقابل حفنة نوّاب في المجلس النيابي وكرسي رئاسي من دون صلاحيات ،ومجموعة وزراء في مجلس وزاري غير منسجم ومُشبع بالخلافات ذات المصالح الخاصة . إنّ المنافسة على قيادة المسيحيين عامةً والموارنة خاصةً حاليًا سيُدخلنا في آتون الخلافات الكبيرة القاتلة والتي ستؤدي حتمًا إلى الإنهيار التّام فيما لو إستمّر هؤلاء في مشروعهم الإنهزامي ... وهل يُعقل أنْ تُصبح الماورنية السياسية أداة في أيدي الغرباء تستأسد في الدفاع عن المشاريع التوسعية في المنطقة على حساب واقع الهوية اللبنانية وسيادة الدولة ؟ وأن تصبح طرفًا ضعيفًا مُلحقًا في هذا الإنحطاط السياسي القائم خلافًا للنظام الديمقراطي وباتت للأسف مرتهنة لنظام الملالي الوافد إلينا بالسلاح اللاشرعي والمال الحرام والكذب والرياء وإدعاء الوطنية القومية ومحاربة العدو . القادة الموارنة الحاليّون لا يملكون أي مشروع سياسي لبناني ومستقل عن المشاريع التي تقترحها الدول التي ترعاهم سواء أكانت عربية أو فارسية . أداء هؤلاء القادة الضعيف جرّدهم من كل دعم محلّي ودولي ، وقد تخلّت كل عواصم القرار عنهم والخوف كل الخوف اليوم أن تُمرّر التسويات على حساب مسيحيي لبنان عامةً والموارنة تحديدًا ، ولا داعي لتذكير القُرّاء الكرام بما حصل في العام 1990 ، حيث إستهدفت التسوية في حينه بدايةً المارونية السياسية ودجّنتهم وشرّدتهم وأوقفت خيرة مناضليهم تحت تهم تعسفيّة وقضّت مضاجعهم وإستفردتهم واحدًا واحدًا ... وأمعنت في سوقهم إلى السجون ، ونلاحظ اليوم أنّ تلك الجماعة التي كانت السبب في إضمحلال الوجود المسيحي – الماروني هي في أعلى السلطة الهرمية تتحاور مع من قتل وشرّد مناضليها ، والأنكى تُجاهر بالدفاع عن المسيحيين وتدّعي المحافظة على حقوقهم وكأنّ العقل الماروني العظيم ينسى من هم سبب علّتهم ومشاكلهم ، وإضمحلال حضورهم الفاعل في لبنان والعالم.

إننا أمام أمر واقع ميأوس منه ، وكباحثين وناشطين سياسيين نستبعد أن يعي هؤلاء القادة المتزلفون حقيقة ما تجنيه أياديهم السود ، ونلاحظ أنّ التشرذم الماروني – الماروني سيزيد وللصراحة قد بلغ مستويات عالية من الإنشقاق ، وهذا الأمر تُغذيه قوى داخلية وخارجية هدفها ضرب الحضور المسيحي الفاعل في لبنان من باب تلك الزعامات العفنة التي تبدّلت وبدّلت وتراخت


وساومت وسايرت ، وباعت شعبًا ووطنًا ، وإنهارت أمام المحن وإستنزفت كل الطاقات الشبابية ، وضلّلت الرأي العام ، وأوهمته أنها تدافع عنه بينما هي عمليًا تسهم في سحق هذا المجتمع الماروني عن بكرة أبيه . من فترة زراني أحد كوادر الأحزاب المسيحية القائمة وفي سياق الحديث عن الوضع العام لفتني ما قاله حرفيًا : " حزبنا يقوم حاليًا على الإنتهاء من عقلية الإمتيازات المارونية والسعي إلى شراكة كاملة مع المُسلمين المقاومين طالما أنه تمّ التوافق بيننا على أن لبنان وطن نهائي لكل اللبنانيين وهدفنا أن يكون لبنان جزءًا من الجبهة الممانعة ومنظومتها السياسية ".

إنّ إستمرار هؤلاء في مراكز القرار هو طعنة في قلب المارونية السياسية ، وحتمًا لا بُــدَّ من إنتظار الإنهيار الكبير التأخر بالنسبة لنا كباحثين ومناضلين في إتخاذ القرار بشأن إعادة النظر بما يجري حاليًا سيؤدي بنا إلى الهلاك . هذا الإنفجار سيكون محتومًا في المرحلة المقبلة وبناءً على معطيات باتت متوفرة ومؤكدة لدى كل المناضلين والأنصار وحتى المجتمع الدولي . أما السياق المنطقي لقراءة التطورات تفيد بأنّنا مقبلون على إنهيار ، ولن يكون هناك أي قدرة على مواجهته أو الحد منه فالمسألة أصبحت تتخطى كل الأمور وتتجاوز عملية السكوت أو التغاضي عن الأمر الواقع . لن أبالغ في التوصيف تتجه أوضاع الموارنة في لبنان نحو مآلات بالغة الخطورة تهدّد كيانهم السياسي – الإجتماعي – الأمني ، بالإنهيار كنتيجة لإحتدام غباء حُكامهم ، وإنّ المأزق الحقيقي الذي وصلنا إليه يكمن في أنّ هؤلاء القادة فقدوا القدرة على تقديم أيّة حلول جادة وواقعية وفعّالة لأزمة الحضور الماروني الحر والفاعل ، كما هذه القيادات الضعيفة ترفض الأخذ بسياسات أو إجراءات إصلاحية جادة ، وغالبًا ما تأتي معالجاتها للأمور مقتصرة على الوعود الفاقدة للمصداقية تارة على التجاهل والإنكار للحقائق أو إختلاق مشكلات تارة أخرى وغالبًا ما خبرنا عنها عندما كنا نحضر إجتماعات اللجان التي أنشأتها البطريركية الماورنية ماضيًا سواء أكانت على مستوى تواجد المسيحيين في السلطة أو مشكلة بيع الأراضي وما عداها من مشاكل مطروحة.

إنطلاقًا من غيّريتنا على مارونيتنا وحضورنا الفاعل في مختلف الميادين وأينما كُنا ، نعتبر أنه ما من سبيل للتصدي لأزمة المُحْلْ الحاصلة ، وإنقاذ المارونية السياسية وإخراجها من دوّامتها المستحكمة ، إلاّ بحشد وتعبئة وتكتيل الطاقات والجهود ، ليشكِّلْ الموارنة الشرفاء رافعة تغيير وإنقاذ مسيحي يُخرج المارونية السياسية من براثن إستبداد وفساد الوضع الراهن وصولاً إلى قيادة مارونية جديدة تؤسس لقيام مارونية سياسية تتفق مع معايير نهج مار مارون ومن سبقونا من قادة شرفاء لأنّ الموارنة أمةٌ عظيمة.

bottom of page