top of page

الموارنة بين إرث عظيم ومؤسسات ميتة... من يجرؤ على التغيير؟


مارونايت نيوز - لبنان - في زمن تتهاوى فيه القيم، وتُفكّك فيه الهويات، يبدو أن الموارنة، رغم تاريخهم العريق وإرثهم الوطني الكبير، باتوا أسرى لجمعيات ورابطات فقدت معناها ومشروعها. هل يُعقل أن تكون الطائفة التي أنجبت البطاركة الأحرار، والرجال الذين خطّوا بدمهم استقلال لبنان، مُمثّلة اليوم برابطات تشبه مآوي العجزة أكثر مما تشبه مؤسسات شعب حيّ؟

الوضع لم يعد يحتمل التفرّج على سيرك البهلوان، والقرد، والسيجار.

الوقت حان — لا، بل تأخّر كثيرًا — لتأسيس مؤسسات مارونية جديدة، نقيّة من الاعتبارات السياسية والمصالح الضيّقة، مؤسسات تحمل الهمّ الحقيقي: حماية الأرض، الدفاع عن الحقوق، وصون الهوية. أما الجمعيات الحالية، فهي إما نادٍ للمتقاعدين أو واجهة لبعض أصحاب المال الذين يعتقدون، بغطرسة، أنهم يختصرون الطائفة.

من حقّ الموارنة، بل من واجبهم، أن يسألوا: ماذا فعلت "الرابطة المارونية" منذ تأسيسها؟ ما هو مشروعها؟ ما هو أثرها الفعلي في الدفاع عن الوجود الماروني في القرى، في المؤسسات، في الدولة؟ لماذا لا تتم محاسبة من يحتكرون اسم الطائفة ويظهرون على المنابر باسمها؟ ألا يجدر بالشعب أن يعرف مضمون كل جمعية قبل أن تُكرّس كناطقة باسمه؟ ومن هو الذي كرسها أصلاً؟

الوضع لم يعد يحتمل التفرّج على سيرك البهلوان، والقرد، والسيجار. الطائفة تُفرغ من مضمونها، ومَن يُفترض أن يحملوا مشعلها، لا يملكون إلا الابتسامات الباهتة والصور المزيّفة. الوقت حان لبناء مؤسسات حقيقية، نابعة من الأرض، ناطقة باسم الناس، تحاكي الواقع وتواجه التحدّيات، لا أن تكتفي بالتموضع في الصفوف الأولى في القداديس واللقاءات.

الذين دمّروا صورة المارونية السياسية والاجتماعية لا يجب أن يبقوا واجهتها. فإمّا أن ننهض بمؤسسات جديدة تعبّر عن عمق الموارنة ودورهم، أو نترك الساحة نهبًا للمسرحيات الفارغة.

مجد الشدياق

bottom of page