اليقظة الروحية في مواجهة الأسد الزائر
- مارونايت نيوز
- 7 minutes ago
- 2 min read

مارونايت نيوز - الكتاب المقدس - تقول رسالة بطرس الأولى: «اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ» (1 بطرس 5: 8). هذه الآية القصيرة حملت عبر القرون صوتاً تحذيرياً من آباء الكنيسة، دعوا فيه المؤمنين إلى عيش حالة يقظة دائمة أمام مكايد الشرير.
القديس يوحنا الذهبي الفم شدّد على أن "السهر" هو سهر القلب لا الجسد، أي أن يبقى الذهن منتبهاً في الصلاة بعيداً عن الغفلة. أما القديس أغسطينوس فشبّه إبليس بـ"كلب مربوط بالسلسلة"، لا يقدر أن يقترب إلا ممن يقترب هو منه بإرادته، مؤكداً أن سلطان الشرير محدود ومغلوب بالمسيح.
من جهته، فسّر القديس كيرلس الأورشليمي صورة "الأسد الزائر" على أنها وسيلة ترهيب، فالشيطان يزأر ليخيف المؤمنين ويفقدهم ثقتهم بالرب، لكنه لا يملك أن يبتلع أحداً ثابتاً في حضرة الراعي الحقيقي. القديس أنطونيوس الكبير أوضح أن الشيطان "لا يقوى على المؤمن إلا إذا ترك هو سلاح الصلاة"، ليبيّن أن الغفلة الروحية هي باب الهزيمة.
ويكشف الكتاب المقدّس في مواضع أخرى عن المعنى العميق لهذه الصورة. ففي سفر أيوب (1: 7) يظهر الشيطان وهو "يجول في الأرض ويتمشى فيها"، كاشفاً عن بحث دائم عن فريسة. وفي رسالة أفسس (6: 11) يحث الرسول بولس المؤمنين على "لبس سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس". أما في رؤيا يوحنا (12: 9) فيصفه بالتنين العظيم "المُضلّ للعالم كله"، لكن المسيح يغلبه بدم الصليب.
الرسالة الواضحة التي يلتقي عندها الآباء والكتاب معاً، هي أن المؤمن مدعو أن يبقى صاحياً، ساهراً، متسلّحاً بالصلاة وكلمة الله. فالأسد قد يزأر، لكن المسيح القائم من بين الأموات هو الأسد الحقيقي الذي غلب الشرير، وأعطى شعبه النصرة والرجاء.
اليقظة اليوم
العيش في يقظة روحية لا يقتصر على زمن الرسل أو الآباء، بل هو دعوة لكل مؤمن في كل عصر. ويمكن للمسيحي اليوم أن يحيا هذه الوصيّة من خلال:
المواظبة على الصلاة اليومية كتنفّس مستمر للنفس.
قراءة كلمة الله والاحتفاظ بها كمنارة تهدي الفكر والقرارات.
ممارسة الصوم وضبط الذات ليبقى القلب حراً من عبودية الشهوات.
الثبات في الرجاء وعدم الانجرار وراء الخوف واليأس.
بهذه الروح يبقى المؤمن منتبهاً، لا فريسة للشرير، بل شريكاً في نصرة المسيح الذي "دعانا إلى مجده الأبدي".
Comments