top of page

جنود الإيمان الموارنة… من إبراهيم القورشي إلى المبشّرين المجهولين، حماة الجبل وهوية لبنان

ree

مارونايت نيوز - على مدى قرون، ظلّ جبل لبنان ليس مجرّد جغرافيا، بل قلعة حصينة للإيمان الماروني، وحاضنة لهوية شعب تشكّل في الصخر والعرق والدمع. لم يكن هذا الكيان وليد الصدفة، بل صنعه رجال ونساء حملوا الإنجيل ومضوا في طرق وعرة، متحدّين الوثنية، وهرطقات العقيدة، وسلطاتٍ زمنية حاولت إخضاع الجبل وإفراغه من روحه.

يتقدّم هؤلاء مار إبراهيم القورشي، القادم من مدينة قورش في شمال سوريا، الذي أضاء شعلة الإيمان في أفقا، وحطّم رموز معبد أدونيس، فغلبت المسيحية على الوثنية، وتحوّل النهر من “نهر أدونيس” إلى “نهر إبراهيم”، رمزاً لانتصار الإيمان على عبادة البشر والأصنام. كانت أفقا المحطة التي أكدت أن جبل لبنان لن يكون إلّا أرضاً للمسيح وكنيسته.



لكن القورشي لم يكن وحده. بعده، جاء مار يوحنا مارون، البطريرك الأول، الذي وحّد الموارنة تحت سقف واحد، وجمع شتاتهم من وادي العاصي إلى جبال كسروان والبترون، ليؤسس كياناً روحياً وسياسياً متماسكاً. ومع مرور الزمن، حمل الشعلة قديسون مثل مار نعمة الله الحرديني ومار شربل مخلوف، اللذان رسّخا النسك والقداسة، فأصبحا منارات تذكّر بأن الماروني لا يعيش لنفسه، بل لشعبه وإيمانه.


غير أن التاريخ يحتفظ في طياته بصفحات ذهبية لرجال لم تُذكر أسماؤهم، عُرفوا بـ المبشّرين الموارنة المجهولين، من تلاميذ مار مارون الأوائل. هؤلاء جالوا القرى المعزولة، وواجهوا خطر الموت والاضطهاد، حوّلوا الجماعات من الوثنية إلى الإيمان المستقيم، وثبّتوا العقيدة في مواجهة الانقسامات اللاهوتية. لم يسعوا إلى شهرة أو منصب، بل اكتفوا بأن يكونوا جنوداً مجهولين في جيش الإيمان، يعرفهم الله والتاريخ، وتشهد لهم حجارة الكنائس التي شيّدوها بعرقهم.

هؤلاء الجنود والمبشّرون، المعروفون والمجهولون، هم الذين صاغوا هوية الموارنة، وجعلوا من جبل لبنان حصناً لا يُكسر. هم من علّمونا أن الانتماء ليس شعاراً يرفع، بل عهد يربط الأرض بالسماء، ويجعل الدفاع عن لبنان دفاعاً عن رسالة وحياة وروح.

اليوم، ونحن نعيش زمن التحديات، يبقى النداء نفسه: أن نحمل شعلة الإيمان الماروني، لا كذكرى ماضٍ، بل كعهد حاضر، وأن نحافظ على الجبل الذي ارتوى بدماء شهداء العقيدة، ليبقى لبنان وطناً حراً، سيّداً، منيعاً، يرفع راية الموارنة بين الأمم.


الفرد بارود


Commentaires

Noté 0 étoile sur 5.
Pas encore de note

Ajouter une note
bottom of page