طبّقـوا القرارات الدولية وكفى تقاعسَا وتملصًا
- د. بسام ضو
- Jun 11
- 3 min read

مارونايت نيوز - إنّ المرحلة الراهنة تشي بخطـر يُرسم على مستوى إقليمي وبأجندة داخلية لما تتضمنه من إلتباسات في موضوع تطبيق القرارات الدولية وخطاب القسم والبيان الوزاري ، كما التعدّي على قوات حفظ السلام من قِبَلْ مجموعات مُضلَّلة تُستخدم غُبّ الطلب . سؤال يطرح نفسه في هذا الوقت الدقيق هل أنّ العمل مقصود لإنهيار النظام السياسي والدخول في أزمات مفتوحة على مستوى كل المؤسسات الدستورية بدءًا من رئاسة الجمهورية ، والحكومة ، ومجلس النوّاب ، والقضاء ، والأجهزة الأمنية ، أكُلْ ما يحصل هـو مقدمة للحيلولة دون ترسيخ الأمن على كل الأراضي اللبنانية والإيحاء للمجتمع الدولي بالعودة إلى رفض كل القرارات الصادرة عن مجلس الأمن على ما كان يحصل في السابق ؟!
للتاريخ وإستنادًا لوثيقة دبلوماسية مؤرخة في العام 2000 ، (ورقة التفاهم الإسرائيلية الأميركية ) التي كانتْ قد عالجت موضوع تواجد جيش النظام السوري في الجمهورية اللبنانية والتي تمّ تطبيق بنودها في العام 2005 (تاريخ إنسحاب السوريين من لبنان)،وهذه الوثيقة عمدت إلى إيقاف عملية تجويف ممنهجة للجمهورية اللبنانية وبالتالي كان هناك حركة دبلوماسية أولتْ الأهمية القصوى للقرارات الدولية التي جاءت نتيجة توازنات داخلية – إقليمية – دولية من أبرزها التحوّل في السياسة الأميركية إزاء لبنان وما حصل من جرائم الإغتيال للقيادات اللبنانية المتنوّعة .
إنّ ما يحصل اليوم من مشاكل وعراقيل بين أركان النظام والمجتمعين العربي والدولي ، يُضعف عملية تطبيق القرارات الدولية وبالتالي ستُمرّرْ المخططات على لبنان وشعبه ومؤسساته . إنّ الأوضاع العامة في البلاد صعبة ودقيقة للغاية والمطلوب اليوم تأمين الشروط الفضلى بغية ترسيخ الأمن والإستقرار وتعزيز الإلتزام بقيم الديمقراطية والحرية والسلام وحقوق الإنسان . فالخلافات والمشاكل والتعديات على السلم الأهلي وعلى قوات حفظ السلام وصلتْ إلى الذروة ، وإنعكستْ بحدّة على الأوضاع السياسية – الأمنية – المالية – الإقتصادية – الإجتماعية ، في وقت نشهد موجات تعصّب ومنظومة أصوليّة تصدم العقول وتهينها فكريًا وعقائديًا، كما تنامي رؤى لا منطقية ولا عقلانية ، إضافةً إلى رأي عام مُضلّل مغلوب على أمره .
إنّ التعديّ على قوات حفظ السلام حاليًا خصوصًا في الجنوب ، في القانون يعتبر إنتهاكًا للقانون الدولي ، ووفقًا لهذا القانون إنّ قوات حفظ السلام تتمتّع بحماية خاصة ، بما في ذلك الحماية من الهجمات والإعتداءات . كما يُعتبر التعدّي عليها إنتهاكًا للحق الإنساني ، وإنّ قوات حفظ السلام بموجب إتفاقيات دولية تتمتّع بحماية خاصة كأفـراد مدنيين في مناطق النزاع وذلك لضمان قدرتها على أداء مهامها في حفظ السلام . وإستنادًا للقانون الدولي التعدّي على قوات حفظ السلام سواء كان ذلك بالهجوم أو الإعتداء أو غيره ، يُعتبر إنتهاكًا للقانون الدولي ويشمل ذلك أحكامًا ذات صلة بالإعتداء على المدنيين في مناطق النزاع . كما أنّ هذا القانون يُشير إلى مسؤولية السلطات بما في ذلك النظام السياسي وأطراف غير حكومية تتحمّل مسؤولية حماية قوات حفظ السلام وضمان عدم تعرضها للتهديد أو الإعتداء . كما أنّ القانون الدولي يلحظ إمكانية اللجوء إلى القضاء الدولي لمحاكمة المسؤولين عن الإعتداء على قوات حفظ السلام .
الظاهـر وإستنادًا لعدة تقارير إعلامية ومراكز أبحاث محلية وإقليمية ودولية أنّ هناك عدم إلتزام سياسي يعني عدم التمسُك بالإلتزامات السياسية المتفق عليها أو عدم الأخذ بعين الإعتبار للقواعد التعاقدية التي تتعلق بما إتفق عليه مسبقًا ، وهذا الأمر سيقود إلى طريق مسدود وسينتهي إلى لا مبالاة تجاه قضية سيادية حسّاسة في واقع سياسي غارق في تفاصيل جزئيات ليس بإستطاعة لبنان تحمُّل تبعاتها .
إنه من المؤسف حقًا أن نصل لهذا الدرك السياسي والظاهر أنّ الجمهورية اللبنانية ستتعرّض لمحاولات تدمير وفوضى وتخريب على أيادي بعض أبنائها ، في تلاقي مقصود ومتعمّد مع مشروع إقليمي سافل . إنّ الخروج من هذه الفوضى يستدعي تطبيق القرارات الدولية بجدّية وبمصداقية لأنّ هذه القرارات حدّدتْ المشاكل الأساسية التي يُعاني منها لبنان وقدّمتْ الحلول، ولأنّ هذه القرارات هي محط إهتمام المجتمعين العربي والدولي وتركّز في الدرجة الأولى على السيادة الوطنية وعلى مركزية السلطة وحصرية السلاح . كفى محاولات تعطيل مؤسسات الدولة اللبنانية الإجرائية – التشريعية – القضائية – الأمنية – الإدارية الدبلوماسية – المالية – الإقتصادية ، وشلّ قدراتها على التحرك وتعميق الفرز المذهبي والفئوي والمناطقي وإحتدام التعبئة والتضليل الإعلامي الممنهج ... إنّ ما يجري هو إمتداد ورّد إلى المرحلة السابقة ومحاولة إنتقام من قبل مجموعات مُسلّحة يتناقض عملها والقانون اللبناني والقوانين الدولية . آن الأوان لإعتبار القرار 1701 وما سبقه من قرارات ذات الصلة دخلت من حيث طبيعتها القانونية في نطاق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وهي ذاتية الإلتزام القانوني تحت طائلة الإجراءات الزاجرة التي تلحظها المادتان 41 و 42 من الميثاق في حال المخالفة أو الإنتهاك .
بسام ضو
(كتاب وباحث سياسي وعضو المركز الدولي PEAC)
Comments