"كُلُّ مَا قُلْتُمُوهُ فِي الظُّلْمَةِ يُسْمَعُ فِي النُّورِ، وَمَا كَلَّمْتُمْ بِهِ الأُذْنَ فِي الْمَخَادِعِ يُنَادَى بِهِ عَلَى السُّطُوحِ" (لوقا 12:3)
- مارونايت نيوز
- Sep 27
- 2 min read


مارونايت نيوز - تضعنا هذه الآية أمام حقيقة إيمانية ثابتة: الله الذي يرى في الخفاء، لا يُخفي عنه شيء، وكل كلمة أو عمل سيأتي يوم ويُعلن. وقد فسّر آباء الكنيسة هذا النصّ على مستويين متكاملين.
أولاً – في تعليم الآباءرأى القديس أغسطينوس في هذه الكلمات تحذيرًا من خداع الذات والاتكال على إخفاء الشرور. فالإنسان قد يظنّ أنّه قادر على ستر أعماله، لكن الله الذي يفحص القلوب يعلن كل شيء في أوانه. ويضيف: "لا شيء يبقى مطمورًا، فما يزرعه الإنسان في الخفاء، يحصده أمام العلن."المرجع: أغسطينوس، Sermons on the New Testament، العظة 64، PL 38، ص. 423.
أما القديس يوحنا الذهبي الفم فشدّد على الوجه الآخر الإيجابي: إنّ كلمة الحقّ، وإن انطلقت همسًا من أفواه التلاميذ في غرف مغلقة، فإنها ستُعلن يومًا على السطوح بقوة الروح القدس. فالإنجيل الذي بدأ في جماعة صغيرة، صار نورًا للعالم كله.المرجع: يوحنا الذهبي الفم، Homilies on the Gospel of Luke، العظة 33، PG 59، ص. 550.
ثانياً – في تفسير الكنائسالتقليد الكاثوليكي والشرقي يرى في هذه الآية دعوة مزدوجة: للابتعاد عن الرياء من جهة، وللثبات في إعلان الحقّ من جهة أخرى. فالكنيسة تؤكّد أنّ الحقّ لا يُخنق إلى الأبد، وأنّ الظلمة لا تقدر أن تطفئ النور. كذلك، البروتستانت يركّزون في تفاسيرهم على مسؤولية المؤمن أن يحيا بالشفافية أمام الله والناس، لأنّ ما يُبنى على الخداع ينهار، بينما الحقّ وحده يثبت.المرجع: Catechism of the Catholic Church، فقرة 2466؛ تفسير Matthew Henry على لوقا 12:3.
البعد الروحي والعمليالآية تذكّرنا بأنّ حياة المؤمن يجب أن تكون صافية كالنور، بلا ازدواجية ولا أقنعة. وهي تشجّعنا ألا نخاف من قول كلمة الحقّ، حتى لو بدت ضعيفة أو محاصَرة، لأن الله يضمن أن تُسمَع وتُعلَن. فكل همسة حقّ هي نواة ستثمر يومًا شهادة علنية، وما يُظنّ أنّه خفي، سيظهر بقوة النور.
Comments