حين تتحوّل المساواة إلى دينٍ جديد: كيف تتصادم فلسفة الـWoke مع الإيمان المسيحي؟
- مارونايت نيوز
- 3 days ago
- 3 min read

مارونايت نيوز - تنتشر اليوم موجة فكرية تُسمّى بالـWoke، أي “الوعي الاجتماعي الجديد”، تدّعي الدفاع عن العدالة والمساواة وحقوق الإنسان. في ظاهرها، تدعو إلى الخير؛ لكنها في جوهرها تُقدّم رؤية للعالم تختلف جذريًا عن الإيمان المسيحي، بل تتعارض معه في العمق، لأنها تستبدل الله بالإنسان، والحقيقة بالانفعال، والحرية بالمطلق الشخصي الذي لا يعرف حدودًا.
ولأنّ هذه الفلسفة تتسلّل إلى التعليم والإعلام واللغة اليومية، لا بدّ من تفكيكها ببساطة، ليُدرك الجميع — حتى من لا يهوى الفلسفة — كيف تفرّغ الإنسان من روحه باسم الحرية.
1. من هو صاحب الحقيقة؟
في الإيمان المسيحي، الحقيقة واحدة وثابتة، مصدرها الله الذي قال: «أنا هو الطريق والحق والحياة» (يو 14:6).أمّا في فكر الـWoke، فالحقيقة نسبية: كل إنسان يملك “حقيقته الخاصة”، ولا يحقّ لأحد أن يناقشه أو يصحّحه، حتى لو ناقض المنطق والطبيعة.
🔹 النتيجة: عندما تصبح الحقيقة وجهة نظر، يختفي الله من المعادلة، لأنّ الإنسان يضع نفسه مكانه.
2. من يقرّر هوية الإنسان؟
الكتاب المقدّس واضح: «ذكراً وأنثى خلقهم» (تك 1:27). الله هو الذي رسم هوية الإنسان منذ الخلق.لكن الـWoke تقول: “لا أحد يحدّد لي من أكون، أنا أختار جنسي، هويتي، وحتى حقيقتي البيولوجية!”
🔹 وهنا الصدام الأخطر: في المسيحية، الجسد عطية من الله. في الـWoke، الجسد مشروع يمكن تغييره حسب المزاج.
3. الخطيئة والغفران... مفهومان مفقودان
في الإيمان المسيحي، كل إنسان خاطئ، لكنه يستطيع أن يتوب ويُغفر له. الغفران هو قلب رسالة المسيح.أما في الفكر الـWoke، فلا وجود للخطيئة أمام الله، بل تُستبدل بفكرة “الذنب الاجتماعي”.يُقسَّم الناس إلى “ظالمين” و“مظلومين”، وتُفرض عليهم محاكمات جماعية لا تنتهي، من دون توبة حقيقية ولا غفران.
🔹 أي أن الخلاص يُستبدل بالمحاسبة الدائمة، والنعمة تُستبدل بالاتهام. لا توبة... ولا مخلّص.
4. حرية بلا مسؤولية
في المسيحية، الحرية هي أن تتحرّر من عبودية الخطيئة: «تعرفون الحق والحق يحرّركم» (يو 8:32).في الـWoke، الحرية هي أن تفعل ما تريد، كيفما تريد، وقتما تريد، دون قيود من ضمير أو إيمان أو عقل.
🔹 والنتيجة: بدل أن تتحرّر النفس، تُستعبد للشهوات. تصبح الحرية باباً للفوضى لا للقداسة.
5. إلغاء الله باسم الإنسان
الفكر الـWoke لا يقول مباشرة “الله غير موجود”، لكنه يتصرّف وكأنه لم يعد ضروريًا.يستبدل الإيمان بالسياسة، والقداسة بالشعارات، والخلاص بالقوانين المدنية.حتى المحبة، التي هي جوهر الإنجيل، تتحوّل إلى سلاح أيديولوجي: من يوافقني أحبه، ومن يعارضني ألغيه.
🔹 وهكذا يُخلق “دينٌ جديد” لا يحتاج إلى الله، بل يعبد الإنسان ذاته.
6. المساواة التي تلغي الاختلاف
المسيحية تؤمن أن جميع البشر متساوون في الكرامة، لكن مختلفون في المواهب والأدوار.أما الـWoke، فتسعى إلى مساواة قسرية تُلغي كل اختلاف طبيعي، حتى بين الرجل والمرأة، باسم “التنوّع”.فتصبح المساواة مرضاً جديداً: كل شيء يجب أن يكون متشابهاً، حتى لو كان ضد الطبيعة.
7. نتائج هذا الفكر
يختفي مفهوم الخطيئة والتوبة.
تُلغى العائلة الطبيعية لتحلّ محلها أشكال جديدة من الارتباط.
تُشوَّه صورة الإنسان المخلوق على صورة الله.
يُستبدل الإيمان بالحسّ السياسي.
وتتحوّل المدرسة والجامعة إلى مختبرات لإعادة تشكيل العقول.
8. لماذا هذا خطر على المسيحية؟
لأن المسيحية لا تفصل بين الحرية والحقّ، بينما الـWoke تفصل بينهما.ولأنها تحوّل “الضمير” إلى قانون شخصي بلا إله، و“الرحمة” إلى شعار دون خلاص.إنها لا تعترف بالخطيئة أصلاً، بل تستبدلها بفكرة “الذنب الاجتماعي”، وتحوّل التوبة إلى اعتذار جماعي بلا غفران ولا نعمة.
الخلاصة
الحركة الـWoke قد تبدو متحضّرة، لكنها تحمل في داخلها ثورة ناعمة على الإيمان، لأنها تريد خلق إنسان جديد بلا خالق، وعالمٍ منظم بلا ضمير، وحرية بلا حقيقة.إنها فلسفة “الإنسان الذي صار إلهاً لنفسه” — وهذا بالضبط جوهر الخطيئة الأولى في الفردوس.
فالمسيح يدعونا إلى النور، بينما الـWoke تُلبس الظلام ثوب الرحمة.والسؤال لكل مؤمن اليوم:هل نريد أن نكون “مستيقظين” على طريقة العالم... أم “مستنيرين” بنور المسيح؟
Comments