top of page

نهوض لبنان من أزماته

مارونايت نيوز - لبنان - في العام 1961، ذكر الخبير العالمي Louis Joseph Lebret اللبنانيين ما حرفيته: "ما يفتقر إليه لبنان قبل المياه والكهرباء والاتصالات، هـو النقص في جماعات العمـل التي تكرِّس نفسها للمصلحة المشتركة، والتي تعمل بروحية التعاون على مختلف الأصعدة، بغية حلّ كل المشكلات على المستويين الاقتصادي والإنساني. في حال لم يُجرِ تحوّل في ذهنية النُخبة الشّابة اللبنانية، وما لم تقم ثورة فكرية ومعنوية، فسيبقى التطوّر هشًا، ولن يتمكن لبنان من القيام بدوره في الداخل كعامل تماسك، ولا في الخارج كقطب حضارة عالمية".

هذه المقولة تنطبق على واقعنا التشريعي الحالي، إن أحسن الناخب اللبناني خياره في الاستحقاق الانتخابي، تسلم الأمور، وإلاّ هناك البكاء وصرير الأسنان.

أمام زحمة الأحداث المحلية والإقليمية والدولية، ونظرًا لاقتراب الاستحقاق النيابي الذي من المفترض أن يرسم مستقبل الحياة السياسية اللبنانية، المطلوب اليوم نوّابًا مؤهّلين لتصدير الفكر البنّاء التشريعي إلى الأنتليجنسيا اللبنانية.

نوّاب يُقاومون الذل والإرتهان والعمالة، ويُثبتون الوجود السياسي الحر التشريعي بالفكر والمنطق والعقلانية والحضور المميّز الراقي، وليس بادّعاء التقيّة والانهزام والتقوقع والهروب من الحقائق. السياسة والتشريع هما تخطيط وتطوير. الحضور البرلماني التشريعي عدل ومساواة، والوكالة التمثيلية المعطاة للنائب أفعال صدق وحرية وخدمة دون مقابل، وسياسة صارمة.

في عمق هذه الأزمة المستفحلة، من الطبيعي أن يكون لدى مجلس النوّاب شخصيات تتميّز بموضوعيتها وبامتلاكها الحكمة والمقدرة على فهم واستيعاب نبض السياسة المحلية – الإقليمية – الدولية من جهة، والحنكة السياسية والدبلوماسية في مخاطبة وإقناع الرأي العام اللبناني، والإدارات السياسية، عربية أكانتْ أو غربية، بالأسلوب المرن المتمدِّن، في اعتماد نهج سياسي وطني بامتياز، سقفه الدستور والقرارات الدولية.

نوّاب واقعيّون، متميّزون في أدائهم السياسي، سلوكيتهم البرلمانية التشريعية تنبع من نضج سياسي أصيل، مؤمن بالجمهورية اللبنانية السيّدة الحرّة، بسياسة لبنانية متأصلة وثابتة، وانتهاج أسلوب سياسي مرن في مقاربة المواضيع المطروحة، يدفع نحـو تحسين واقع الحياة داخل المجتمع اللبناني.

نوّاب يرفضون المسّ بالدستور، ولا يجدون أي مبرّر ظرفي لإجراء أي تعديل دستوري، مهما كان اختصاصه. على النائب أن يكون مسؤولًا أمام الشعب، وعليه أن يمتلك المعطيات الفكرية والتشريعية التي تؤهله لشرح أي خيار يتخذ، صحيحًا كان أم خطأ.

نوّاب يتصدّون لأي تعديل دستوري لصالح أشخاص أو مراجع سياسية تأتمر بالخارج. نوّاب يُطالبون بإصلاحات دستورية تؤمّن التوازن، سواء على صعيد الممارسة ضمن السلطة التنفيذية، أو بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. وكل هذه الإصلاحات يجب أن تصبّ في الصالح العام، وأيضًا لصالح إعادة المسيحيين إلى موقعهم الطبيعي داخل إدارات الدولة. المطالبة بحقوق مهدورة شرف، وليس منّة من أحد أو سوق اتهامات.

نوّاب يعملون على تيسير أمور اللبنانيين في مرحلة دقيقة وحساسة، تزداد الأمور فيها تعقيدًا يومًا بعد يوم، وترتفع حدّتها في وقت يزداد الخناق على أعناق اللبنانيين، في لقمة عيشهم وضبابية مستقبلهم. كل هذه الأمور يجب أن يتولاها نائب الأمة بالانتفاض على الواقع القائم، وانتهاج سياسة إصلاحية تشريعية، بعيدًا عن الممارسات السياسية العشوائية المعمول بها منذ العام 1990.

لماذا المطالبة بنوّاب للتشريع لا للفلكلور؟ الجواب بسيط، فمهما سادت الاختلافات وتنوّعت الآراء السياسية، إنّ الأمـر مصدر حيوية وتنوّع، فإنّ المسألة واضحة، وكل المجتمع اللبناني يتمنى أن ينعم البرلمان اللبناني في المستقبل القريب بأشخاص يحملون الكفاءة التشريعية، والذهنية الفكرية، ومحبة الوطن، للمحافظة على الجمهورية اللبنانية من خلال مؤسساتها الدستورية الشرعية.

د. بول حامض

الصورة: marten-bjork-Ds5jyc70rLk-unsplash

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page