top of page

رسالتي إلى إخواني الموارنة خاصةً والمسيحيين عمومًا

ree

مارونايت نيوز - خاص مارونايت نيوز - لبنان - أيها الإخـوة الموارنة،

تذكّروا هذا التحذير الصائب: في رسالته إلى الموارنة، حذّر المفكر شارل مالك (1906 – 1987) الموارنة خصوصًا، والمسيحيين عمومًا، من سلسلة المخاطر، قائلاً إنّ الأخطار المطلّة على لبنان من مشارف المستقبل هي:

أولاً – بيع هذه الأرض اللبنانية المقدّسة النادرة بالملايين، وبعشرات الملايين ومئاتها، وأنا لا أدري، والله وحده يدري، من هم مشتروها الحقيقيّون.

ثانيًا – عدم ضبط الوجود اللالبناني على الأرض اللبنانية بالشكل الوافي المسؤول.

ثالثًا – تغيير لون الحياة والثقافة، تغيير لون المرح والمعاملة في الوجود اللبناني العام، بحيث يكاد يشعر اللبناني أنه غريب في بلده، وبحيث أصبحت لبنانيّة لبنان الذي عرفناه وورثناه من الجدود في مهبّ الريح.

أيها الإخـوة الموارنة،لقد ضلّ مسؤولو الموارنة طريقهم إلى المارونية السياسية، وأضاعوا الفرص، وتناسوا جوهرها. ضاعت هذه المارونية على أيدي من هم اليوم في سدّة المسؤولية، ولم يَعُد هناك، لا في الداخل، ولا في الدول العربية، ولا في المجتمعات الغربية، من يحترمها أو يريد أن يتحاور معها. إنها مارونية سياسية ذائبة في بحر المصالح الخاصة والعمالة وبيع ورهن المؤسسات الرسمية، لا بل التفريط بها شمالاً ويمينًا. كلّ هؤلاء المسؤولين، روحيين وزمنيين، فرّطوا بالوزنات الكبرى التي سعى إليها الأجداد، علمانيين ورجال دين...

أيها الإخـوة الموارنة،رجال دين وساسة تنكّروا لحقيقتهم التاريخية، لحضارتهم، لحضورهم الفاعل والوازن، وليس أمامهم سوى الاستسلام على قاعدة شروط التخلي عن إرث الأجداد، ورهن الوطن، والتخلّي عن الحقوق والواجبات. في حقّهم السياسي يتخلّون، في كل مرة، عن إدارة، ويوهمون الرأي العام الماروني والمسيحي عامةً أنهم "في طليعة المدافعين عن الحقوق"، بينما هم السبّاقون في التفريط بهذه الحقوق. كانوا في الماضي أحرارًا وأبطالًا وقدّيسين وملافنة، أما اليوم، فهم شياطين وزناة سياسة واجتماع، باعوا الضمير، وارتهنوا للمصالح الخاصة، والحاضر خير دليل على ما هم عليه.

أيها الإخـوة الموارنة،ليس من دور للموارنة وللمسيحيين اليوم في لبنان. إنهم غرباء ومنبوذون عن مراكز القرار، وملحقون عند هذا وذاك من ساسة الأمر الواقع، سماسرة وتجار بالجملة والمفرّق حسب الحاجة. غالبًا ما يُوصف الساسة الموارنة والساسة المسيحيون بالكذب والرياء وتبنّي سياسات غير أخلاقية، على الصعيدين الماروني – المسيحي، والمسيحي اللبناني، اعتقادًا منهم أنهم ابتكروا نظرية فكرية جديدة. على الشرفاء من بني الأمّة المارونية والمسيحيين التشهير بهم والانتقاص من قدرهم.

أيها الإخـوة الموارنة،في هذا الظرف الحرج والدقيق، كلّما استطعنا الوقوف في وجههم، وكلّما برهنا على عدم أخلاقياتهم، كلّما أثبتنا بأنهم جبناء وتجار سياسة. نعم، ساسة الموارنة والمسيحيين مؤهّلون وأكفّاء لحرفة العمالة والانصياع والتبعية والكذب، وسياساتهم تصبّ في مصالحهم ومصالح الغريب، والمشكلة أنّ تصرفاتهم هذه تمرّ مرور الكرام أمام المسؤولين الروحيين: بطاركة، أساقفة، كهنة، رهبان، علمانيين... وتحتلّ المكانة الكبيرة في عمليات البيع والرهن والانكفاء.

أيها الإخـوة الموارنة،زمن موارنة اليوم ومسيحيي اليوم ساد فيه الكذب والنفاق والرياء على المصداقية وعلى الشعور الديني والوطني. بالفعل، وقَسمًا بالله وبمار مارون، إنه ليس شعوري فقط، بل شعور شعب ماروني ومسيحي بأسره. موارنة مساكين، ومسيحيون محبطون، مخدوعون، منباعون على أرصفة العمالة والتجارة والبغاء السياسي. والمشكلة أنّ الجميع، ونحن منهم، لم نكتشف لغاية اليوم هذه الخديعة التي اسمها "ساسة الأمر الواقع، علمانيين وروحيين". إننا كبرنا على وجعنا وآلامنا، وأنهكتنا الحروب الأخوية والغريبة، وقد دفعنا ثمنًا غاليًا.أحزاب الموارنة نهبتنا وخسّرتنا مدّخراتنا، ورجال الدين صامتون، وربما مشاركون...

أيها الإخـوة الموارنة،إننا في زمن المحل، زمن العمالة، زمن الانكسار، زمن الفراغ. إنها الفاجعة، أيها الإخـوة الموارنة، وإنها الفترة الأكثر ظلامًا في حياتنا المسيحية المارونية والوطنية.أتحفونا بالشعارات الكاذبة: "حقوق المسيحيين"، "ما خلّونا نحنا فينا"، "الوجود المسيحي الحر"، "أوعى خيّك"، "تاريخنا المجيد عمره ستة آلاف سنة"... وغيرها من الشعارات التي أنهكتنا وخلّصت علينا. إننا نُقتل على أيدي سفّاحين جهلة، ووصلنا إلى الهلاك.

أيها الإخـوة الموارنة،إنهم حثالة هدّامة. إن لم نقف في وجههم، ونطردهم من الهيكل كما فعل السيّد المسيح، سنبقى في هذه الدوامة.هل بإمكانكم تغيير الأمر الواقع؟

بالطبع نعم، إن أردتم.خذوا المبادرة ولا تترددوا... سياطكم جاهزة، فباشروا.

د. بسام ضو

الصورة: amirr-zolfaghari-AmuNSYa9_yc-unsplash

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page