top of page

أن تكون مارونيًا: مسؤولية لا لقب



مارونايت نيوز - لا يُقاس الانتماء الماروني بما كُتب في خانة الطائفة، بل بما يُكتب كل يوم في مواقف الإنسان. أن تكون مارونيًا لا يعني أن تحمل إرثًا فقط، بل أن تُجسّده. أن تختار أن تكون أمينًا لخطّ عمره قرون، لا بالشعارات بل بالالتزام، لا بالكلام بل بالفعل.

الماروني لا يُعرَّف بخلفيته، بل بوجهته. وجهته هي الحقيقة. في زمن كثر فيه الالتباس، والتبست فيه المبادئ بالقشور، يظل الماروني شاهدًا، لا يساوم، ولا يصمت حين يجب أن يُقال الحق. يعرف أن الحرية لا تُمنح، بل تُنتزع. لا من الغير، بل من الذات أولًا. يعرف أن الإنسان لا يُولد حرًا بالضرورة، بل يصبح حرًا حين يختار أن لا يُستعبد.




أن تكون مارونيًا يعني أن تكون مقاومًا. لا بالسلاح وحده، بل بالفكر، بالموقف، بالصلاة، بالإصرار على الحق حين يتخاذل الآخرون. المقاومة ليست ظرفًا عابرًا، بل نمط وجود. ومن عاش في الجبل، وحمل روحه في كفّه، وصمد في وجه القهر، يعرف تمامًا أن الحرية لا تأتي دون ثمن.

وإذا ضاقت الظروف، لا ينكسر الماروني. يحمل الفينيقية في عروقه، ويجعل من الاغتراب مساحة امتداد لا انقطاع. يلفّ العالم، ينجح في أقاصي الأرض، يحوّل الشدائد إلى فرص، ويبني حيث يُلقى. لكن مهما تفرّعت الطرق، يبقى مرجعه واحدًا: لبنان الجبل والوادي.



يسافر، يهاجر، يحلم، يكبر، لكنّه لا يقطع الجذور. جذوره ترتوي من أرضٍ عرفت الشهداء والقديسين. مرجعه ليس عاطفة، بل قرار. حلمه الأكبر، وإن طال، هو العودة. ليست صدفة أن جديَّ وُلِدا في أميركا اللاتينية، لكنهما عادا إلى لبنان، لا ليبحثا عن هوية، بل ليكملا مسيرة بدأت من صخرة، من محراب، من اسم مارون.

في معركة الهوية التي نخوضها اليوم، المطلوب من الشاب الماروني ألا يكون متفرّجًا. لا يكفي أن يُعجب بتاريخ أجداده، بل عليه أن يُكمل الطريق. أن يفهم أن هذا التاريخ لم يُكتب بالحبر بل بالدم، وأن الكرامة التي وصلتنا ليست إرثًا نستهلكه بل أمانة نحفظها.

المطلوب أن يعيش إيمانه بحرية، لا خنوعًا. أن يفتخر بلغته، لا أن يتنازل عنها. أن يحمل لبنان في ضميره، لا أن يبحث عن وطن بديل. أن يكون صاحب رأي في زمن التبعية، وأن يبقى واقفًا حين ينحني الجميع.



المارونية ليست امتيازًا. إنها مسؤولية. مسؤولية أن تبقى كما أنت في عالم يطلب منك أن تكون نسخةً عنه. مسؤولية أن تحبّ الحق أكثر من راحتك، وأن تختار التضحية على أن تعيش بلا معنى.

وهنا يبدأ الفرق: بين من وُلد مارونيًا، ومن اختار أن يكون مارونيًا كل يوم.

الفرد بارود

Comentários

Avaliado com 0 de 5 estrelas.
Ainda sem avaliações

Adicione uma avaliação
bottom of page