إشكالية القوانين الإنتخابية وضرورة المشاركة الفاعلة والمؤثرّة
- د. بسام ضو
- Jun 11
- 3 min read

مارونايت نيوز - نسمع ونقرأ في وسائل الإعلام عن تشكيل لجنة نيابية لدراسة قانون الإنتخابات النيابية من النوّاب. هذه اللجنة، على ما يبدو، تضم أعضاء من مختلف الكتل النيابية (إلياس بو صعب – جورج عدوان – جهاد الصمد – علي حسن خليل – سامي الجميل – علي فياض – جورج عطالله – أحمد الخير – عماد الحوت – هادي أبو الحسن). مهمتها دراسة وتعديل قانون الإنتخابات الحالي، بما في ذلك المقترحات المقدّمة من قبل مختلف الجهات المعنية.
أمام هذه اللجنة، كما أُفدنا كمركز أبحاث PEAC، إجراء دراسة شاملة لقانون الإنتخابات الحالي، بما في ذلك نقاط القوة والضعف والآثار المترتبة عليه. وبناءً على دراستها، ستعمل اللجنة على اقتراح تعديلات على القانون الحالي، وتضمن اللجنة أن يكون التعديل المقترح مأخوذًا من وجهات نظر مختلفة.
فعلاً، عقدتْ اللجنة اجتماعها الأول بتاريخ 11 حزيران، ووفقًا لوسائل الإعلام التي تابعتْ الاجتماع: "لم تكن الأجواء إيجابية".
من المفترض، واستنادًا للنظام البرلماني، أن تقوم اللجنة بإجراء سلسلة من النقاشات والدراسات، كما الاستماع إلى خبراء وأكاديميين ومسؤولين سياسيين مستقلين، لتشكيل رأي واضح بشأن قانون الإنتخابات، كي تستطيع هذه اللجنة، إن صدقت النوايا، من تقديم توصياتها ومقترحاتها إلى مجلس النواب، الذي بدوره سيقوم ببحث هذه التوصيات وتقييمها.
من المتعارف عليه، واستلهامًا للنظام الديمقراطي، يشمل النقاش حول إشكالية القوانين الإنتخابية التحديات في التطبيق، على سبيل المثال: عدم المساواة في تمثيل الدوائر، وتأثير الصوت التفضيلي، وتعقيد العمليات الإدارية. إضافةً إلى أنّ القانون الإنتخابي غالبًا ما يكون عرضة للتلاعب والانحيازات، ممّا يؤثِّر على نزاهة العملية الإنتخابية، ويُساهم في تقوية الفرز الطائفي، والتزوير في النتائج.
دستوريًا وقانونيًا، يُفترض ضمّ الكثير من الإعلاميين والباحثين والخبراء والأكاديميين لدراسة قانون الإنتخابات، وعدم حصر الأمر بالسّادة النوّاب فقط، لأنّ الإنتخابات عمل غير عادي يرسم معالم الحياة السياسية لكل ست سنوات. وهذا النهج المتّبع حاليًا، واستنادًا إلى العديد من الأكاديميين المتخصصين في الشؤون الإنتخابية، يعتبرون: "في حالاتكم هذه تتوقف اللعبة البرلمانية في لبنان، لأنّ الإنتخابات غالبًا ما تكون معلّبة...". وإيمانًا منّا بأهمية ممارستها بالطرق الديمقراطية الصحيحة، وحفاظًا على المصداقية، مطلوب إشراك متخصصين في الشؤون الإنتخابية، وعدم حصرها بالسادة النواب.
لنُبادر، كمركز أبحاث، بطرح سؤال: هل يُعقل أنْ يُشرّع قانون الإنتخابات من هم معنيّون بهذا القانون؟ إنها مزحة سمِجَة؟!
من أخطاء الناخبين، والمفكرين، والإعلاميين، والإكاديميين، ورجال الدين (مسيحيين ومسلمين)، وغيرهم، أنهم يُهملون قراءة التاريخ الإنتخابي. وانطلاقًا من هذه الحقيقة، المطلوب دراسة واقع الإنتخابات منذ الاستقلال ولغاية اليوم، معززة بالوقائع والخِدَع التي تُعتمد عند كل استحقاق... والدراسة، المعزّزة بالوثائق والأرقام لدى مركزنا البحثي، تُبرِز حقيقة عمليات التزوير والتضليل، كما الصراعات السياسية في كل الاستحقاقات الانتخابية التي حصلت، وخصوصًا بعد إقرار وثيقة الوفاق الوطني.
في هذه المرحلة الحسّاسة والخطيرة من تاريخ الجمهورية اللبنانية، ووسط متغيرات إقليمية – دولية عصفت بالمنطقة، وأسقطت أنظمة، وتُغيّر معالم سياسات وتحالفات، وفي الوقت الذي لا يزال هناك تزوير للإرادة الشعبية في أبشع صور تزوير النظام الديمقراطي، فيما هذا النظام السياسي القائم على تزوير الإرادات الشعبية يسعى جاهدًا لإخضاع الرأي العام بكل مكوّناته، ومحاولة تمرير قانون للانتخابات يُريحه من حيث النتائج، ويقضي على إرساء قانون انتخابي يُجسِّد فعليًا طموحات الشعب اللبناني في إعادة تكوين السلطة، على قاعدة ما ورد في مقدمة الدستور، الفقرة (د): "الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة، يُمارسها عبر المؤسسات الدستورية".
الشعب اللبناني على عتبة استحقاق نيابي مصيري، وهو استحقاق تاريخي – مصيري، يتصل بمحاولات رسم الصورة المستقبلية للوضع السياسي العام في البلاد، سواء على مستوى بُنية النظام، أو على مستوى دوره وأدائه، وعلاقاته مع محيطه ومع العالم. ثمّة أسباب جوهرية تجعلنا، كمركز أبحاث PEAC، نهتم بهذا الاستحقاق، وهو – وفق وجهة نظرنا – أمر ضروري، بما أنّ الانتخابات هي شكل من الممارسة الديمقراطية الأصيلة، مهما تكن هذه الممارسة شكلية أو جوهرية، في ظل سلطة تسعى جاهدةً لإبقاء الأمور على ما هي عليه، وبوجه خاص في هذه المرحلة من استبدادها وهيمنتها.
لا غنى عن إيجاد نماذج من التواصل مع الأكاديميين، والإعلاميين، ورجال الفكر، في مرحلة ينشد فيها قسم كبير من الناس، ولا يُستهان بهم، موضوع الانتخابات. وذلك ليس من قبيل الممالأة أو الخنوع أمام سلطات الأمر الواقع، لا سيّما تحت تأثير أشكال القمع والتزوير، بل لمواجهة تلك الأمور بوعي حقيقي، لمصلحة الوطن والشعب الفعلية.
في هذه المرحلة، يجب أن يكون هناك سعي جدّي وواسع تقوم به نخبة النخبة، لأجـل قانون انتخاب عصري، ديمقراطي، وإيصال عدد مؤثِّر من النوّاب الشرفاء إلى الندوة النيابية. تحالف أو كتلة لا بد أن يظهر في تلك المرحلة، كي يُمهِّد لإنضاج مواجهة ديمقراطية ناجحة، على أساس برنامج سياسي متكامل، يُزاوج بين المهام الوطنيّة والديمقراطية.
وللبحث صلة.
د. بسام ضو
Comments