بكركي… سرّ لبنان ومفتاحه
- Alfred Baroud الفرد بارود
- Aug 21
- 2 min read

مارونايت نيوز - منذ أكثر من مئة عام، والصرح البطريركي في بكركي ليس مجرّد مقرّ كنسي، بل عقل لبنان وروحه، وسرّ كيانه ومفتاح بقائه. بكركي لم تساير يومًا، ولم تخضع لأحد، بل حملت همّ لبنان الحرّ، لبنان الرسالة، لبنان الدولة.
عام 1920، كان البطريرك إلياس الحويّك في قلب المعركة، حين رفع مطلب إنشاء دولة لبنان الكبير في مؤتمر الصلح. ومنه انطلقت الصرخة التي تحقّقت في أول أيلول. من هناك وُلد لبنان، وبكركي كانت القابلة التي وضعت الدولة على خارطة العالم.
عام 1943، البطريرك أنطوان عريضة دعم رجالات الاستقلال، فكان الصرح مرجعية وطنية تواجه الانتداب الفرنسي. بكركي ثبّتت معادلة الحرية والسيادة، وأصرّت أن لا وطن منقوص السيادة.
عام 1958، اهتزّت البلاد بين المدّ الناصري الشمولي وبين الدولة اللبنانية. يومها بقيت بكركي صامدة على المبدأ: لبنان لا يُبتلع ولا يذوب.
ثم جاءت حرب 1975، الحرب التي شنّها اليسار الإرهابي ومنظمة التحرير الفلسطينية الإرهابية لضرب الدولة اللبنانية وكيانها وتهجير المسيحيين وإقامة ما سُمّي فلسطين البديلة. كان الخطر وجوديًا على لبنان، لكن بكركي ومعها المقاومة اللبنانية أفشلوا أكبر وأخطر هجوم على الكيان اللبناني، ووقفوا سدّاً منيعاً بوجه مشروع اقتلاع المسيحيين وإنهاء لبنان.
عام 1986، جلس مار نصرالله صفير على الكرسي البطريركي، ليبدأ فصل جديد من المواجهة. بكركي صارت قلعة استقلالية في وجه الاحتلال السوري. وفي عام 2000، دوّى نداء المطارنة الموارنة: انسحاب الجيش السوري المحتل. هذه الصرخة من بكركي فتحت الطريق أمام انتفاضة الاستقلال عام 2005 وخروج الاحتلال من لبنان.
مع انتخاب البطريرك بشارة الراعي عام 2011، استمر الصوت عينه: لبنان سيّد، حرّ، مستقل. رفض السلاح خارج الدولة، طالب بالحياد الفاعل، ورفع شعار المؤتمر الدولي من أجل لبنان. بكركي لم تغيّر لغتها: لا وطن بلا دولة، ولا دولة بلا سيادة.
عام 2020، مع مئوية لبنان الكبير، ذكّرت بكركي أنّ الفكرة وُلدت عندها، وأنّ الرسالة ما زالت هي نفسها: لبنان وطن للحرية والتعددية، لا ساحة ولا تابع.
واليوم، وسط الانهيار والتفكك، تبقى بكركي الحارس الأخير للبنان. الحارس الذي لم يكن غيره، ولن يكون بعده. من يحاول إضعافها يطعن قلب الوطن، ومن يهاجمها يعلن العداء للبنان نفسه.
الفرد بارود
Comments