تمييز الفكر الإلهي عن الفكر الغريب: دعوة لحفظ نقاوة الإيمان
- مارونايت نيوز

- 2 minutes ago
- 2 min read

مارونايت نيوز - منذ فجر الإيمان، كان الصراع بين فكر الله وفكر الإنسان قائمًا. فالله يدعو شعبه إلى الثبات على كلمته، بينما يحاول العالم باستمرار أن يزرع أفكارًا غريبة تُلبِس الحقّ بالباطل وتُشوِّه نقاوة الرسالة. لهذا تأتي دعوة الكتاب المقدّس واضحة:«وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ.» (رومية 12:2)
فالمؤمن لا يتبنّى ما يشبه الناس، بل ما يشبه المسيح.
1. مقياس الحقّ هو الإنجيل
الرسول بولس يحذّر بوضوح قائلاً:«وَلَكِنْ إِنْ بَشَّرَنَا نَحْنُ أَوْ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ، فَلْيَكُنْ أَنَاثِيمَا. كَمَا سَبَقْنَا فَقُلْنَا أَقُولُ الآنَ أَيْضًا، إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُبَشِّرُكُمْ بِغَيْرِ مَا قَبِلْتُمْ، فَلْيَكُنْ أَنَاثِيمَا.» (غلاطية 1:8-9)
أي أنّ المعيار ليس الأشخاص ولا العجائب، بل مطابقة الفكر لكلمة الله كما أُعلنت في المسيح.كل تعليم لا يقود إلى محبّة، تواضع، وطاعة المسيح، يجب رفضه مهما بدا منطقيًا أو جذّابًا.
2. الفلسفات البشرية لا تُخلّص
يقول بولس:«اُنْظُرُوا أَنْ لاَ يَسْبِيكُمْ أَحَدٌ بِفَلْسَفَةٍ وَبُغْيَةِ غُرُورٍ، بِحَسَبِ تَقْلِيدِ النَّاسِ، حَسَبَ أَرْكَانِ الْعَالَمِ، وَلَيْسَ حَسَبَ الْمَسِيحِ.» (كولوسي 2:8)
الفكر البشري مهما بدا متقدّمًا، إن لم يكن منسجمًا مع فكر المسيح، يصبح خداعًا يُبعد الإنسان عن الجوهر. لذلك على المؤمن أن يزن كل فكر بميزان الإنجيل لا بميزان المجتمع أو الموضة الفكرية.
3. سلاح التمييز الروحي
التلميذ الحقيقي لا يقبل أي فكر دون فحصه:«أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تُصَدِّقُوا كُلَّ رُوحٍ، بَلِ امْتَحِنُوا الأَرْوَاحَ: هَلْ هِيَ مِنَ اللهِ؟ لأَنَّ أَنْبِيَاءَ كَذَبَةً كَثِيرِينَ قَدْ خَرَجُوا إِلَى الْعَالَمِ.» (يوحنا الأولى 4:1)
التمييز الروحي ليس رفضًا للآخر، بل هو حماية للنفس من الانحراف عن الحقّ. والروح القدس هو من يُنير العقل ليُميّز ما إذا كانت الفكرة صادرة من محبّة الله أو من كبرياء الإنسان.
4. خضوع الفكر لطاعة المسيح
يقول بولس:«هَادِمِينَ ظُنُونًا وَكُلَّ عُلُوٍّ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ اللهِ، وَمُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ.» (2 كورنثوس 10:5)
أي أن المؤمن لا يترك أفكاره حرّة بلا ضابط، بل يسلّمها للمسيح ليطهّرها وينقّيها. فالعقل المتكبّر يخلق الانقسام، أمّا العقل المطيع فينشر السلام والاتحاد في الحقّ.
5. حين يُرفض التعليم الصحيح
نبّه بولس تيموثاوس قائلاً:«لأَنَّهُ سَيَأْتِي وَقْتٌ لاَ يَحْتَمِلُونَ فِيهِ التَّعْلِيمَ الصَّحِيحَ، بَلْ حَسَبَ شَهَوَاتِهِمِ الْخَاصَّةِ يَجْمَعُونَ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ مُسْتَحْكِينَ مَسَامِعَهُمْ، فَيَصْرِفُونَ مَسَامِعَهُمْ عَنِ الْحَقِّ وَيَنْحَرِفُونَ إِلَى الْخُرَافَاتِ.» (2 تيموثاوس 4:3-4)
هذا الزمن يشبه حاضرنا، حيث تُقدَّم أفكار كثيرة تحت شعار الحرية أو التطوّر، لكنها تخفي في داخلها تمرّدًا على كلمة الله. لذلك، واجب المؤمن أن يبقى ثابتًا في التعليم الصحيح، مهما تغيّرت الأزمان.
6. طاعة الله فوق كل إغراء
جاء في سفر التثنية النص الكامل:«إِذَا قَامَ فِي وَسَطِكَ نَبِيٌّ أَوْ حَالِمُ حُلْمٍ، وَأَعْطَاكَ آيَةً أَوْ عَجِيبَةً، وَحَدَثَتِ الآيَةُ أَوِ الْعَجِيبَةُ الَّتِي كَلَّمَكَ عَنْهَا قَائِلًا: نَذْهَبُ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لَمْ تَعْرِفْهَا وَنَعْبُدْهَا، فَلاَ تَسْمَعْ لِكَلاَمِ ذلِكَ النَّبِيِّ أَوْ لِذلِكَ الْحَالِمِ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ يَمْتَحِنُكُمْ لِيَعْلَمَ هَلْ تُحِبُّونَ الرَّبَّ إِلهَكُمْ مِنْ كُلِّ قُلُوبِكُمْ وَمِنْ كُلِّ أَنْفُسِكُمْ.» (تثنية 13:1-3)
فالمقياس ليس الأعجوبة ولا الجاذبية الشخصية، بل الأمانة للربّ. والربّ يختبر قلوبنا ليرى إن كنا نحبه من كل القلب أم نتبع بريق الفكر الغريب.
الخلاصة
رفض الأفكار التي لا تشبهنا لا يعني التعصّب أو الانغلاق، بل التمييز بين فكر الله الثابت وفكر الإنسان المتقلّب. فالمسيحي مدعوّ لأن يكون في العالم لا من العالم؛ يسمع كل شيء، لكن لا يتبنى إلا ما يصدر من روح الحقّ. وهكذا يحافظ على نقاوة الإيمان، ليبقى قلبه وعقله مسكنًا للربّ وحده.











Comments