ثورة 17 تشرين... حين ثار اللبناني على نفسه
- Alfred Baroud الفرد بارود
- 4 days ago
- 2 min read

مارونايت نيوز - تمرّ اليوم ستّ سنوات على ما سُمّي بثورة 17 تشرين. أقول "ما سُمّي"، لأنّي بكل أسف كنت من الذين انخرطوا فيها عن حسن نية، أؤمن أنّنا كنّا سنصنع التغيير ونبني دولة العدالة والكرامة. لكنّني اليوم أندم. أندم لأنّي اكتشفت، كما كثيرين، أنّها لم تكن ثورة شعبٍ واعٍ بل حركةً مخادعةً مموّهة بشعارات كبيرة، بينما أهدافها كانت مدبّرة ومدروسة لتدمير ما تبقّى من لبنان.
كأنّنا لم نتعلّم شيئاً من تاريخ هذا الوطن ولا من طبائع السياسة فيه. خرجنا إلى الشوارع من دون أن نسأل أنفسنا عن السبب الحقيقي، ومن دون أن نقرأ عمق المشهد. تحمّسنا لأنّ مجموعة نزلت أولاً إلى الساحات، فركضنا خلفها، فدخلنا في ما وصفه غوستاف لوبون بـ«سيكولوجيا الحشود»؛ لحظة يفقد فيها الفرد وعيه المنطقي ويصبح مجرّد أداة في يد من يوجّهه.
اليوم، وبعد ستّ سنوات فقط، تَبيّن أنّ ما جرى لم يكن ثورة، بل عملية مدبّرة أوصلت البلد إلى الانهيار الشامل. سقط النظام المصرفي سقوطاً مدوّياً، وانتهت معه الليرة اللبنانية والاقتصاد الوطني، وفتح الباب أمام الاقتصاد الموازي الذي لم يتأثّر بالانفجار الشعبي، بل استفاد منه.
إذا اعتمدنا منطق القانون الجزائي، الذي يبحث في الركن المعنوي للجريمة، يمكننا من خلال النتائج أن نعرف النيّة. فحين نرى ما آل إليه لبنان بعد تلك الأحداث، ندرك أنّ الهدف لم يكن الإصلاح، بل ضرب النظام المالي لإخفاء سرقات ارتُكبت عبر العقود، ولتبديل سلطة مالية بأخرى خفية تتعامل بالكاش وتتحكّم بالمصير الاقتصادي.
الحقيقة المؤلمة أنّ تلك الحركة وفّرت الغطاء لمن كان ممنوعاً من التصرّف بأمواله بسبب العقوبات، وفتحت له الباب ليُدخل أمواله إلى الدورة النقدية تحت ستار "الثورة". هكذا تحوّلت الثورة إلى أداة تخدم مشروع «حزب الله» ومن يدور في فلكه، فيما ضاع الشعب بين شعارات الإصلاح وواقع الانهيار.
لقد استُغلّت عاطفة الناس وصدقهم، وتحوّلت «كلّن يعني كلّن» إلى شعار يلغي الجميع لصالح كلّ زعيم طائفي على حدة. ومن رحم تلك الانتفاضة وُلدت طبقة نيابية مشبوهة بارتباطاتها اليسارية والأجنبية، جاءت لتكمل ضرب ما تبقّى من ركائز الدولة اللبنانية.
النتيجة؟ ثار اللبناني على نفسه، على ماله، على مستقبله. دمّر بيته بيده. ثار على حقّه ليكرّس حكم العصابات.
الوقت حان ليُفتح تحقيقٌ وطني حقيقي، لا بالهوى السياسي، بل بالعقل القضائي. من حرّك تلك الجموع؟ من موّلها؟ من كتب بياناتها؟ ومن سكت حين تحوّلت إلى مسرح للرقص والإهانات بدل الثورة على الفساد؟
ما جرى لم يكن ثورة... كان فخّاً كبيراً وقعنا فيه جميعاً.
الفرد بارود
Comments