top of page

جبل لبنان: المارونية التي صنعت الحرية



مارونايت نيوز - الموارنة لم يأتوا إلى الجبل. كانوا فيه. هم سكّانه الأصليون، لا نزلاءه. ليسوا ضيوفًا على تضاريسه، بل أبناء صخورِه، حراس وديانه، وصنّاع هويته. الجبل لم يكن ملاذًا يلجأون إليه، بل أرضهم التي منها نبتوا، وفيها حافظوا على شعلة إيمانهم.



المارونية ليست مجرد تقليد ديني. إنها شعلة إيمان مسيحي مصبوب في حرية لا تنطفئ. روح لا تساوم، وجذور لا تُنتزع. من الجبل انطلقت، وفيه تجذّرت، وعليه انبنت أولى قرى الصمود، لا بالأسوار، بل بالإيمان، لا بالخوف، بل بالرجاء.

في كل وادٍ من هذا الجبل، ترتيلة حياة. في كل صخرة، شهقة شهيد. في كل بيت، صلاة، وفي كل كنيسة، عهدٌ أُبرم بين الأرض والسماء. جبل لبنان ليس امتدادًا جغرافيًا، بل تجلٍّ لهوية لا تعترف بالخضوع.

لا يمكن فهم لبنان دون المرور بجبل لبنان. لأنه ليس مجرّد خلفية طبيعية للوطن، بل قلبه النابض. ليس جبهة طائفية كما يروّج البعض، بل ساحة ولادة للحرية. الحرية التي لم تُهدَ إلينا، بل صيغت بصبر الرهبان، وعرق المزارعين، وصوت الأجراس في ليالي الشتاء.



الماروني لم ينتظر الاعتراف به، بل فرض حضوره بحضارته. لم يطلب حمايات، بل بنى حمايةً لنفسه ولغيره، بالحكمة لا بالغلبة. من الجبل، صنع وطناً. وطنًا حراً، لا تابعًا. وطنًا لا يقوم على مسايرة، بل على رسالة.

لهذا، جبل لبنان ليس مجرد جغرافيا. هو خلاصة مسيرة، وهوية محفورة في الصخر. ومن لا يفهم هذا الجبل، لن يدرك معنى أن تكون مارونيًا: أن تكون شاهدًا، ثابتًا، ابن أرضٍ حرّة، لا تخون ولا تُباع.

الفرد بارود

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page