كيف لا ونحن نستخف الى اقصى حد بحق عملتنا الوطنية؟
فإذا كان زعماء هذا البلد وتجاره قد دمروها بفسادهم وتهريب أموالهم وجشعهم وبالمضاربة بقيمتها، فنحن نقوم بكامل وعينا وبمنتهى الهبل والعنجهية بوأدها وهي حيةّ بعد؟
كيف تحتقرون عملتكم يا اشاوس بطر إيام المحل، ويا فشيخة العنطزة الفارغة، ويا اصحاب النخوات المصطنعة؟ أنسيتم ان ارزتنا مدموغة عليها ومرادفة لها؟ أنسيتم انها كانت في زمن الرجال الرجال شامخة كجبالنا؟ أنسيتم يا سكارى عظمة ايام النكسات المتتالية ان قيمتها من قيمتنا؟ أنسيتم ان تاريخنا مرسوم على فئاتها المختلفة فتجاهلتم التضحيات ومجد الايام الغابرة؟ إصحوا، واتعظوا واستغفروا الله وانتم تمعنون في تهشيمها، فإنهيارها من إنهيارنا وإضمحلالها من إضمحلالنا!
مجرمون نحن بحق أنفسنا اولاً قبل أن نكون مجرمين بحق وطننا وعملتنا. فعلينا ينطبق قول المعلم في خضم ألآمه: "إغفر لهم يا ابتاه فهم لا يدرون ماذا يفعلون".
يا سادة يا كرام، وانتم تهشكون وتبشكون في لياليكم الحمراء وفي فوشاتكم الهدامة تذكروا إن وجدتم كسرة خبز على دربكم أن لا تدوسوها، بل إلتقطوها وأطلبوا السماح وضعوها في مكان محايد لا تطاله الأقدام. ففي وطني أُناس تبكي خلف صمت جدران المنازل لأنها تفتقد الخبز، ولأنها لا تمتلك فتات أموالكم التي تبذرونها بجهلكم يميناً ويساراً.
ماذا يعني يا سادة، إن يقرر البعض منكم. ان بدل موقف السيارة في بيروت وبعض المناطق الأخرى أضحى يتجاوز ال ٣٠٠ الف ليرة؟
ماذا يعني ان تعطي عامل السوبرماركت مبلغ ١٥٠ الف ليرة فقط لأنه جر عربة البضائع لك لبضع ثواني؟
ماذا يعني ان كيس الفشار في بعض دور السينما اصبح ب ٤٥٠ الف ليرة؟
ماذا يعني أن يرفض عامل مغسل السيارت مبلغ ال ٥٠ الف بخشيش لأنه يطمع بأكثر؟
ماذا يعني ان نرمي ملايين الليرات على الفنانين ونحن مزهوون في سهراتنا؟
ماذا يعني ان يصبح سعر طابع الالف ليرة ١٠٠ الف في السوق السوداء؟
ماذا يعني ان ترفعوا أجر الساعة للنازح فقط لكي تحرموا مواطنيكم المحدودي الدخل من إستخدامه بأجرٍ أقل؟
ماذا يعني ان لا تعودوا تروا ان نسبة كبيرة من اللبنانيين باتت على باب الله وهي غير قادرة على الاستحصال حتى على الالف ليرة فيما انتم تتبجحون بغوغائيتكم ولا مسؤوليتكم؟
أتعلمون ما انتم فاعلون وانتم ترددون: "بسيطة فالمئة الف تساوي دولار واحد"؟
أتدركون ان رواتب اغلب اعلانات الوظائف اضحت لا تتجاوز ٢٠٠-٣٠٠$ في حين أن هذا المبلغ لا يكفي بدل محروقات وإشتراك كهرباء وخليوي؟
بأفعالكم يا جهلة، انتم لا تدمرون عملة بل تدمرون وطن عمره ٦٠٠٠ سنة!
كفاكم بطراً وإتعظوا، فسفينة نوح لإنقاذنا غير موجودة، والنازحون من مختلف الجنسيات جاهزون خلف الأبواب ليأخذوا مكاننا، ومكاتب الهجرة لم تعد تتسع لطالبيها، والطاولات التي تتراقصون عليها في سهراتكم باتت لا تحمل كفركم فيما الناس موجوعة، وسدوم وعمورة باتت تنادينا ونحن في غياهب اللا وعي.
هلقد بحبك يا لبنان
جورج يونس