هل يستطيع الماروني أن يتحرّر من أسر زعيمه؟
- Alfred Baroud الفرد بارود

- 3 hours ago
- 2 min read
حين تتصارع السياسة مع الإيمان في المعركة على هوية لبنان
بقلم ألفرد بارود (Alfred Baroud)

مارونايت نيوز - تعرّض الموارنة عبر القرون لشتى أنواع الاضطهاد، غير أنّهم أيضًا عانوا المبالغة في انتماءاتهم السياسية. فالخيار السياسي عند الماروني يتحوّل في أحيان كثيرة إلى التزام مطلق يمتدّ حتى حدود الاستشهاد، لأنّ صلابة أفكاره تجعله عاجزًا عن قبول ما يراه غير منسجم مع معتقده، فيتنقّل في السياسة بعقل جامد، تحكمه صورة «الزعيم» أكثر مما تحكمه المبادئ.
وتكبر هذه المودّة للزعيم لتبلغ القطيعة داخل البيت الواحد. فحبّ الوطن جامعٌ صلب، لكن الطرق إلى الهدف تتباين بحدّة تجعل الاتفاق شبه مستحيل. وحتى بكركي نفسها لم تنجح في جمعهم إلا نادرًا، وفي اللحظات التي لامس فيها الخطر الوجود ذاته.
ومع ذلك، فإنّ هذا التنازع لم يُضعف تمسّك الموارنة بأرضهم، ولا صلابة إيمانهم المسيحي، وإن بقي هذا الإيمان غالبًا أقرب إلى إيمان مرتا منه إلى إيمان مريم. ففكرة «المنقذ» التي تُسقِطُها الجماعة على الزعيم صارت حجر عثرة يمنع الماروني من عبور المسافة نحو إيمان ناضج ووطن ناضج.
ولو أدرك الماروني أنّ العمل الوطني يبدأ في شخصه وينتهي فيه، وأنّ خياره السياسي يجب أن يصدر عن إرادة حرّة لا عن وراثة حزبية أو انتماء جماعي، لكان أنتج طبقة مسؤولين تُشبهه هو، لا طبقة تعيد قولبته على صورتها.
نحن اليوم أمام تحدٍّ مصيري سيغيّر وجه الأرض، بينما ما زال اهتمامنا السياسي خارج العصر وخارج الزمن. وزعماء يعرفون ما ينتظر البلاد، لكنّهم متواطئون بالصمت، لا يخبرون ولا يواجهون، حتى من باب الإيمان.
أيها الماروني، أيها المسيحي، أيها اللبناني: ليس كلّ ما يُطرح صالحًا للاستهلاك. من واجبك أن تبحث، أن تفكّر، أن تفتّش عن الحقيقة. من واجبك أن تختار الراعي، وأن تقرّر. لا تجعل مصيرك بيد من يجرّك، بخياراته، إلى الهاوية. لأنّك أنت وحدك المسؤول، وليس أحد غيرك.
واسأل نفسك سؤالًا واحدًا يكفي ليفتح عينيك: لماذا تشقى لتأمين لقمة العيش… بينما زعيمك يتنعّم ولا يعمل ولا يُحاسَب؟
الفرد بارود














Comments