top of page

٤ آب... تاريخ نُقِشَ بالدمّ على ذاكرة وطن

ree

مارونايت نيوز - لبنان - انكتب علينا...نِدفِن ناسنا ونمشي، كأنهم طرائد مش بشر! كأنهم إجو عهالدني بس ليموتوا بأيادي سودا ما بتعرف الله. كأنهم أحجار شطرنج، انوجدوا ليتساقطوا فداءً للملك. كأنو أعمارهم ورق روزنامة بإيد كل فاتك ومتسلّط، بيقطعها وبيرميها وقت اللي بدّو.

انكتب علينا لا يكون الحاكم حاكم، ولا الجندي جندي، ولا رجل الدين رجل دين، ولا القاضي قاضي، ولا الإعلامي إعلامي.

منفتّش عالعدل، منعرف إنّو ضايع بزَواريب الزعران. منفتّش عن الأمن، منلاقيه هربان خلف السلاح الغير شرعي. منفتّش عن الحرية، منتفاجأ إنّها مدفونة عَ حدود الشعارات الفارغة. منفتّش عن السلام، منكتشف إنّو مسروق لحماية مصالح الدول. منفتّش عن الصلاة، منلاقي أبياتها قميص عثمان بإيد تجّار الهيكل. منفتّش عن القائد، منتذكّر إنّو غافي خلف بواب السما وشلوح الأرز المكسّرة. منفتّش عن السيادة، بيخبرونا إنّها منتهَكة خلف الحيطان الواطية وسكك التهريب. منفتّش عن الشرعية، منشوفها سارحة خلف السهرات والمهرجانات والزيارات الفولكلورية. منفتّش عن الأبطال، بيردّوا علينا من تحت التراب. منفتّش عن الأوادم، منتفاجأ إنّهم نايمين ورا بواب الصمت والهجرة والتعتير.

انكتب علينا نصير نحنا والدمع إخوة، نمشي دروب جلجلة ما بتنتهي، نخاوي الوجع كأنّو خلقنا كرمالو، نسيّج دروبنا ببيارق الموت اللي زرعوها زعماءنا بيوميّاتنا بلا ما نعرف كيف. انكتب علينا نودّع بعض بعد كل لقاء، لأنّو يمكن تكون آخر مرة منلتقي.

انكتب علينا نشوف أشلاء أهلنا متناثرة بزوايا شوارعنا، نبكي دمار عاصمتنا كل عشر سنين، نشطف طرقات بيروت بدموعنا، نشحد الكرامة على بواب اللي بطّلوا يعرفوا الله، نروي بحر مرفأنا بدم وأشلاء اللي منحبهم.

انكتب عَ حيطان ذاكرتنا، إنّو دمّنا صار كتير رخيص قدّام جشع طبقة ما بتعرف تتعاون إلا عالإجرام والعمالة والعمولة، ليبنوا قصور أمجادهن من مداميك مآسينا المتراكمة.

يوم انفجار ٤ آب ٢٠٢٠ ما بيشبه ولا يوم من تاريخنا الماضي وحتى المستقبلي. هوّي مش هفوة إهمال عاديّة، ولا عمل فردي لفريق معيّن، ولا سوء طالع. إنّما الحقايق بتقول إنّو كل أطراف المنظومة كانوا عارفين بوجود النيترات بالمرفأ، وكلّن ما رفعوا الصوت لإزالة خطرها: شي لأنّو كان يهرّب كميات منها للنظام السوري، وشي لأنّو قابض سمسرة عليها، وشي لأنّو سكوتو مدفوع سلف، وشي لأنّو ما بيعرف ربّه، وشي لأنّو غاشي وماشي طمعاً بمنفعة شخصية أو سلطوية أو تملقاً لقوى الأمر الواقع.

بالنهاية، ولِنلخّص الوجع اللي انحفر بقلوبنا عن هاليوم المشؤوم، ما فينا إلا ما نتذكّر آخر كلام وجّهو بطل فوج الإطفاء "شربل كرم" لمرتو وولادو، هوّي ورايح عَ آخر مهمة. بوقتها قاللهم:

"هاي حياتي، هاي حبيباتي. رايحين نطفّي حريق عالبور وراجع لعندكن"...

ولليوم، صار مارق خمس سنين، وبعدهم هني ناطرين، وبعدو هوّي ما رجع، وبعدهم المجرمين مصادِرين قرار القضاء، وبعدها الحقيقة ما انكشفت، وبعدها رحمة الله ما نزلت لا علينا ولا عَ وطنّا...

جورج يونس


الصورة: getty-images-W_EjmEElO5I-unsplash

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page