top of page

الأمم المتحـــدة والقضـــاء النزيه بقلم بسام ضو



يعتبر القانون الدولي أنّ سيادة القانون في جميع الدول هي أساسيّة للسلم والأمن والإستقرار السياسي على المستوى الدولي وحتى على المستويات المحليّة كما هي تُساهم في تحقيق التقدُّم السياسي – الأمني – الإقتصادي الإجتماعي وفي حماية حقوق الإنسان وحرياتهم . كما أنّ سيادة القانون هي جِّــدْ أساسيّة أيضًا لوصول الناس إلى الخدمات العامة وكبح الفساد والحـــد من إساءة إستخدام السلطة وإرساء عقد سياسي – وطني – قانوني بين الناس والدولة .


إنّ بعض الموظفين في لبنان وبعض القضاة وبعض المواطنين وبعض المحامين يتعرّضون للإعتداءات على حقوقهم وإنتهاكها كيديًا وربما سياسيًا،بما في ذلك التهديد والتخويف وحتى التوقيفات الإعتباطية التي لا تستند إلى أيْ مسوِّغ قانوني. وفي الحاصل أنّ هذه الأفعال تُهدِّدْ القضاء والمواطنين والموظفين كما تهدِّدْ مهنة القضاء وإستقلاليته القانونية – المهنيّة .من المتعارف عليه في كل الدول أنّ المسؤولين يتمتّعـون حينما يستعملون سلطتهم النافذة في إستخدام القوة في تنفيذ القانون ولكن في بعض الدول ومنها لبنان وفي أغلب الأحيان هناك إساءة في إستخدام هذه القوة المفرطة،والمطلوب من الأمم المتحدة إيجاد مخارج قانونية رسميّة لمنع الإستخدام التعسفي للقانون وإنتهاك حقوق الإنسان في سياق تنفيذ هذا القانون.كما نُطالب في هذه المقالة ممثل مكتب المفوّض السّامي لحقوق الإنسان في لبنان المساعدة العمليّة على إتِّباع إطار تشريعي وتوفير التوجيه والتدريب لحفظ حقوق المتقاضين بما ينص عليه القانون .


من المتعارف عليه حيث يكـــون القضاء حُــرًا مستقلاً ونزيهًا،تكون الأوطان والشعوب بخير كما تكون فعليًا ثقة الناس بالدولة وأجهزتها بما فيها القضائية عالية لا تشوبها أي عقدة ( عقدة الخوف – عقدة الإستنساب – عقدة الظلم)،إنّ القضاء وفقًا للقانون الدولي هو أحــد أهم أركان الدولة وأساس متين لضمان الحكم الصالح . في لبنان وإستنادًا للأوضاع القائمة مرحليًا تظهر جليًا التحديات والإنتكاسات الجمّة التي يُعاني منها القضاء اللبناني ومنها على سبيل المثال لا الحصر : عدم توقيع التعيينات الإدارية – القضائية ، الخلافات السياسية – السياسية على أساس المحاصصة والزبائنية ،والتي تُساهم لا محــال في ضعف مؤسسات الدولة عامة والقضائية خاصةً وبالتالي ضعف هيبة الجمهورية اللبنانية بما فيها هيبة القضاء تحديدًا .


هناك تخوّف من أن يؤدي سوء السلوك القضائي إلى تحطيم نسيج ما هو ضروري لجعل هذا الجهاز القضائي قادر على العمل السليم .وفقًا للقانون الدولي والخاص لا يوجد قضاء من دون ثقة وطمأنينة من الشعب ولذلك يجب أنْ يخضع القُضاة للمساءلة عن المعايير القانونية والأخلاقية،وعند مساءلتهم عن سلوكهم لا بُدّ من مراجعة السلوك القضائي دون الإعتداء على إستقلال عملية إتخاذ القرارات القضائية وهذه المهمة يمكن أن تكون شاقة .لا بُدّ من أنْ تعمل الأمم المتحدة من إعادة النظر في تنفيذ طريقة مجدية لحماية الجمهور من سوء السلوك القضائي والأحكام الإستنسابية وعلاوة على ذلك يجب أنْ يُجرى هذا الأمر عن طريق الحد الأدنى من خطر التدخل غير المشروع من جانب بعض السياسيين الذين يُحاولون إما إصدار أحكام إستنسابية أو أحكام غير شعبية مبنية على كيدية سياسية.وهذا ما يدفع إلى إستنتاج بأنّ القاضي ينتهك معايير الأخلاقيات القضائية بضغط من السياسيين .


يقول أحد الباحثين في الشأن القضائي " إنّ أحــد أهــم أركان الدولة هــو القضاء بحيث وجــود قضاء نزيه وشفّاف ومستقل يكون الوطن بخير وإنْ كان القضاء جــزء من تركيبة الدولة والنظام الطائفي فبالتالي نعد في أسوأ حالاتنا على صعيد الحوكمة... الدولة تفتقدهيبتها والحكم الصالح فيها وبالتالي تطبيق شريعة الغاب . القضاء اللبناني يمُّـر بإنتكاسات وقرارات قضائية مختلفة ممّا يؤدي إلى ضعف مؤسسات الدولة وبالتالي ضعف هيبة القضاء والدولة".من المؤسف أنّ الدولة اللبنانية بمسؤوليها يهملون مفهوم العدل الشامل الذي يتضمّن المساواة بين الناس في الحقوق والواجبات وإعطاء كل ذي حق حقّه. على المسؤولين اللبنانيين أن يعلموا أنّ العدالة هي حق مشروع وليست منّة شخصية أو رسمية فهي مرتبطة بالنظام وهي أساس كل حكم صالح وهي أكثر الموضوعات شيوعًا في السلوك الإجتماعي . عليهم أن يعلموا أنّ العدالة هي الخير العام الذي يُنظِّمْ العلاقة بين الحرية والمساواة .


المطلوب من الأمم المتحدة لناحية القضاء النزيه، التدخل لمراقبة السلوك العدلي في لبنان إستنادًا لتحقيق فكرة العدل حيث يستوجب تطبيق القانون وليس تسييسه وذلك بصفة ملزمة ولو عن طريق التدخل مرحليًا .فالقانون هو إدارة الحاكم يجب إحترامها حيث يرى أحد فقهاء القانون " إنّ القانون الذي يحقق العدل هو إدارة الحاكم ومشيئته يطبقها بالقوة على الأفــراد عند الضرورة وليس غُبّ الطلب،فالعدل لديه مصدره ضمير الحاكم وينبع من إرادته، والحاكم يراقب ويُشرف على توزيع العدل بين الناس توزيعًا متساويًا ".


الأمم المتحدة والقضاء النزيه، وبالإستناد إلى ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية ،والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، وحيثهناك حالات كثيرة وفجواة بين الرؤية التي تقوم عليها تلك المبادىء وبين الحالة الفعلية ،وحيث ينبغي أن يسير تنظيم وإدارة شؤون القضاء نُطالب الأمم المتحدة التدخل لإنقاذ القضاء في كل الدول من الهيمنة السياسية بما فيها لبنان .

0 comments
bottom of page