top of page

الإصلاح الديني ضرورة ماسة في شرق ملتهب فاقد للشرعية القيادية بقلم بسام ضو



خبرتُ رجال الدين منذ أنْ كُنتُ في المدارس والجامعات الكاثوليكية وغالبًا ما كان في صفّي تلامذة إكليركيين من شتّى المذاهب،وغالبًا من كان يُدير الأقسام المدرسية والجامعية رجال دين منهم من تميّز بالعفّة والطهارة ومنهم من سكنه الشيطان بإمتياز.لن أضيفْ أي جديد في مقالتي المقتضبة عن ضرورة الإصلاح الديني في تجربة ربما ستكون فريدة من نوعها لأنها حاجة ماسّة من حيث المبدأ في هذه المرحلة الحـــرجة من الحضور المسيحي المُشتّتْ في هذا المشرق النازف حقدًا وغدرًا ربما من أهـــل البيت وحتى من المحيطين .



إنّ الحالة الدينية في مشرقنا عامةً وفي لبنان خاصةً تُعاني هبوطًا على كل المستويات سواء أكانتْ على مستوى الإدارة الدينية ولا سيّما في الرهبانيات التي أنبتتْ قدّيسين أو على مستوى البطريركيات والأبرشيات التي تُعاني من هوّة ساحقة بينها وبين رعاياها...والأداء الديني يؤرق الرعية من جرّاء وطأة التخلّف والأحادية الفكرية وتستولي على مراكز القرار بطريقة غوغائية لم تشهدها الديانة في مراحلها السابقة والحاضرة.



كــم نحــن بحاجة إلى تعليل منطقي لما ورد في الكتاب المقدّس عن المحبة والتضحية والتفاني،وعندما يمتحن رجال الدين أنفسهم وفقًا لهذا المقياس عليهم أنْ يُدركوا أنّ الأفعال الحسنة تحكمها وصايا الله وإلاّ ستكون هذه الأفعال بمثابة الخطيئة المميتة.


نعــم نحــن بحاجة لإصلاح ديني ودُنيوي والتي من المفترض أن تمتد أثارهما إلى الجميع ومن دون إستثناء.دعـــوتنا إلى الإصلاح الديني كان لها ردود متباينة في ضوء المواقف الفكرية والسياسية والإجتماعية والدينية والسجالات بين من أطلعناهم من رجال الدين على موضوع الإصلاح،وخصوصًا على خلفية الموقف من رجال الدين (بطاركة – مطارنة – شيوخ – أئمة )،ومواقفنا منهم على صعيد أدوارهم في الحياة الدينية والوطنية . إنّ ما يظهر جليًا وبعد متابعة ورصد حثيثتين إنّ أداء رجال الدين نــافل لا طائلة،وهــو بمجمله ضار، لـــــــــــــــذلك إنّ الإصلاح ضرورة مصيرية للخروج من حالة الجمـود واللحاق بركب التطوّر والحضور المميّز والفاعــل وهو المدخــل اللازم للإصلاح الديني .



الدعـــــــــــــوة للإصلاح الديني عامةً وفي لبنان خاصةً له وجاهته وضرورته لما يشكله الحضور المسيحي بالنسبة إلى الإنسان المشرقي من حاجة ودافع يُلبّي حاجاته،فاللبناني سواء أكان مسيحيًا أو مُسلمًا هو متديِّن بالفطرة ويدفع إلى الفعل الإيجابي في الغالب،في ضوء توجيهات الدين المسيحي في حالتنا إلى تبّني قيم أخلاقية وإجتماعية ووطنية والدعــوة إلى أعمــأل العقــل وتحقيق العدل والمساواة وهكذا هو الأمر بالنسبة إلى الإسلام .



دعــــــــــــــوتنا إلى الإصلاح تنطلق من مُسلّمة رئيسية ألا وهي حالة الجمـــود التي أصابت الفكـــرين المسيحي والإسلامي منذ سنوات ولا نخفي سِرًا عن واقعنا الأليم وما نُعانيه من تفكُّكْ وإنقسامات وصراعات داخلية والمؤسف غـــزوات داخلية – داخلية وما زلنا ندفع ثمنها دمًا وحضورًاوأتانا من صنّف أصحاب الدم ب"الأقطاب". كل ذلك نجـــم عنه أثر ثقيل نحمله كأجيال مسيحية ومُسلمة على كاهلنا من عظات وتحركات تتعارض كليًا مع مكانة الإنسان كإنسان ودوره في الوجود كما تحدِّدُها الكُتُبْ السماوية .



الإسترخــاء والعجـــز المُمارسين من رجال الدين وأخص المسيحيين منهم قيّــد حركة الأفـــراد والجماعات وشتّتها في كل أصقاع الأرض وشــلّ قدراتهم على مواجهة التحديات وملاقاة التغيّرات والتحولات المحلية والإقليمية وحتى الدولية والإنطلاق نحــو آفاق رحبة مفعمة بالحيّوية والتطوّر والإزدهار . فالجمـــود على الفكر الديني الحالي خطأ قاتــل والتمسُّك بأفكار وعظات وخطب وطروحات تجاوزها الزمان رتّبَتْ خسارة للمسيحيين وللمسلمين في معركة الحضارة والتنافس مع أي حضارة ورؤاها الفكرية وبرامجها التطبيقية... طالبوا بال"الحياد طالبوا ب"الإنتخابات الحرّة والنزيهة" " طالبوا بال" اللحمة"، طالبوا ب "إنتخاب رئيس" وهناك الكثير من المطالبات ولكن بقيت حبرًا على ورق لأنها لم تكُن مرفقة بخارطة طريق وكأني بهم وكلاء أصيلين لتنفيذ المؤامرة على الشعب اللبناني وعلى الشعب المشرقي .



بعد خبرتــي المتواضعة وبعد مراجعات داخلية شملت رجال دين وقادة رأي غــــــــــــــدا ضرورة مصيرية خوض مغامـــرة الإصلاح الديني في مواجهة معوّقات داخلية أي سيادة عقلية التقليد والتسليم ، وأنّ لا جديد يُقال وهناك هيمنة داخلية – إقليمية وسيطرة إقليمية - دولية على مراكز القرار في المشرق ومنها لبنان... كــل هذه الأمـــور تستدعي البدء من إعادة النظـــر في الرؤية الفكرية والوطنية والدينية السائدة وفي المرتكزات التي إعتمدتها والممارسات التي قادتْ إليها من قبل رجال الدين ومسيحيين ومُسلمين .



إنّ الرؤية التي يحملها ويسير فيها رجال الدين عندنا كرّستها عــوامــل ومراحل تاريخية متقلّبة من إلتباس في النصوص والممارسة وفي ضوء القدرات المعرفية في أمور "العلوم السياسية " ، والعفــــــــــــــــو كل جيل يُجيب عن الأسئلة التي تواجهه بما بين يديه من معارف ومناهج فكرية ،إضافةً إلى أمر حيوي ألا وهـــو التخلّي عن إلزامية المشورة والإنتقال إلى الحكم الوراثي والإستنسابي وبخس الإنسان ودوره وتحويله إلى إنسان عاجــز يستجدي موعدًا والقبول بالخليفة المتغلِّب على كل شيء .



بات مطلبنا إلى إصلاح ديني ضرورة ماسّة بما هـــو تحديث للمفاهيم الدينية – الوطنية وتطويرها بإعتماد أدوات بحث عصرية تنسجم مع المستوى المعرفي الحديث في قرأة النصوص الدينية والوطنية المؤسسة ضرورة واقعية وإنسانية ردًا على حالة الجمــود والفوضى الفكرية السائدة . عسانا نلقى أذانًا صاغية لدعوة الإصلاح خاصتنا وأن تُفهم من دون تأويــل حيث الإعتراف بالضعف فضيلة .



0 comments
bottom of page