top of page

أيُّ استقلال نحتفل به؟

أيُّ استقلال نحتفل به؟

عودة إلى روح 1943… وإلى السؤال الذي يهرب منه الجميع

بقلم ألفرد بارود (Alfred Baroud)


ree

مارونايت نيوز - يعيد لبنان اليوم عيد استقلاله، لكن الحقيقة أنّ ما نحتفل به صار أقرب إلى ذكرى منه إلى واقع. فالاستقلال الذي وُلِد سنة 1943 كان نتيجة وحدة وطنية استثنائية جمعت المسيحيين والمسلمين حول مبدأ صاغ هوية لبنان السياسية: لا للشرق ولا للغرب.هذا المبدأ لم يكن رفاهية لغوية، بل الأساس الذي قامت عليه الجمهورية اللبنانية المستقلة. حياد لبنان كان الخيار الذي أراد الاستقلاليون أن يمنحوا من خلاله بلدًا صغيرًا فرصة ليعيش لنفسه، لا ليصبح ساحةً لصراعات الآخرين.

لبنان لم يكن يومًا دولة انصهار تذيب الهويّات داخل بوتقة واحدة. بل كان حالة فريدة: دولة تحفظ في دستورها خصوصيات مكوّناتها، وتمنح كل عائلة لبنانية مساحةً لتبقى كما هي داخل كيان واحد. وهذا ما جعل لبنان نموذجًا لا يشبه أحدًا.

لكن ماذا بقي من فلسفة الاستقلال اليوم؟ ولماذا تحوّل العيد إلى استعراضات وعروض وخطابات بينما غاب المعنى الحقيقي الذي قامت عليه الجمهورية؟

الواقع أنّ لبنان عاش 15 سنة استقلالًا فعليًا… أمّا الـ67 سنة المتبقية فكانت ارتهانًا للخارج ونكولًا صريحًا بروحية 1943. ومن هنا تبدأ الأسئلة التي تُربك الجميع:

هل أتى الوقت أن يُعيد السياديون النظر بالاتفاق نفسه طالما أنّ فئةً كاملة نكثت به منذ 67 سنة؟

كيف يمكن لطرف أن يلتزم الحياد بينما الطرف الآخر غارق في محور واحد؟

هل صار من الضروري أن يكون للبنان ارتباطٌ بقوى غربية ضامنة، فقط لإعادة التوازن الذي سقط داخليًا؟

هل أتى الوقت ليتسلّح السياديين اللبنانيين تحت مسمّى «الملائكة السماوية» فيحصل سلاحهم على شرعية عقائدية كما حصل في الجهة الأخرى؟

هل وصلنا إلى مرحلة فتح أحواض ومطارات جديدة للتهريب فوق تلك القائمة أصلًا؟

هل حان الوقت للتوقّف عن دفع الضرائب لدولة فقدت قرارها؟

سبعة وستون عامًا من الارتهان والدم والذلّ… فإلى متى الانتظار؟ إلى أن يغادر آخر حرّ لبنان؟

الاستقلال في لبنان لم يعد استقلالًا واحدًا بل استقلالًا هجينًا، تقرأه كل فئة بمعنى مختلف. البعض ما زال يرى 22 تشرين الثاني يومًا لنهائية لبنان وحياده، والبعض الآخر يعتبره ذكرى لا تلزمه بشيء.

والأخطر أنّ المبدأ المؤسّس للدولة:

«لا للشرق ولا للغرب»، انقلب عند البعض إلى نسخة مشوّهة:

«لا للغرب ونعم للشرق». وهذه ليست سيادة، وليست حيادًا، وليست استقلالًا…

لا للغرب ونعم للشرق ليس استقلالًا بل احتلالاً!

فهل نحن أمام عيدٍ جديد، أم أمام مناسبة تكشف الحقيقة التي هرب منها الجميع؟

لبنان لا يحتاج احتفالًا آخر…

لبنان يحتاج استقلالًا جديدًا.

الفرد بارود

ree

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page