الموارنة والسياسة: بين الرهانات المتقلبة والانتماء الثابت
- أيلي حداد

- Jun 11
- 1 min read

مارونايت نيوز - منذ نشأة الكيان اللبناني الحديث، شكّلت الطائفة المارونية لاعبًا محوريًا في رسم ملامح النظام، ليس فقط بفعل موقعها في تركيبة الحكم، بل أيضًا نتيجة حضورها الثقافي والتاريخي. إلا أن قراءة مسارها السياسي تكشف تباينات لافتة بين مرحلة وأخرى، تارةً باسم الواقعية السياسية، وطورًا تحت عناوين الحماية أو الشراكة أو الاستقلالية.
لم تسر السياسة المارونية على خط ثابت. ففي كل محطة من تاريخ لبنان، بدا وكأن القرار ينبني على رهان ظرفي: مرة على فرنسا، ثم على الولايات المتحدة، تارة على قوة داخلية وتارة أخرى على تحالف خارجي. وفي لحظات كثيرة، كانت المواقف تُتخذ بدافع القلق من التحوّلات بدلًا من هندسة موقع دائم وواضح في مشروع الدولة.
من الاستقلال حتى الطائف، تعددت الخيارات وتناقضت أحيانًا: بين من تبنّى الدولة كمؤسسة، ومن سلّح المجتمع بحجة الدفاع عنها، ومن آمن بالحياد، ومن سعى إلى توسيع النفوذ الطائفي. بعد الطائف، ازداد التبعثر، وغلبت الانقسامات على أي تصور موحّد للدور أو للهوية السياسية المشتركة.
لكن اللافت في كل هذه التحوّلات، أن الموارنة لم يبدّلوا في عمق انتمائهم الوطني. تعاملوا مع كل مرحلة بما تفرضه من وقائع، وتأقلموا مع التحديات، من دون أن يتخلّوا عن قناعتهم بلبنان كوطن نهائي. غير أن ما لم يتغيّر أيضًا، وبقي الثغرة الأخطر، هو الانقسام بينهم. ذاك الانقسام الذي كان في كثير من المحطات أشرس من أي خصومة خارجية، فاستُنزفت الطاقات وتراجع الدور، لا بسبب الآخر، بل بسبب التنازع على الهوية الواحدة.
قاتل الموارنة ولبنان معًا لم يكن خصمًا خارجيًا فقط... بل كان دومًا في البيت الواحد.
ايلي حداد














Comments