الموارني في خبر كان إذا بقيوا ع ه المنــــوال
- د. بسام ضو
- 3 days ago
- 3 min read

مارونايت نيوز - لبنان - طبيعيًّا أن يتميّز الوضع العام في الجمهورية اللبنانية بتنوّع ديني مختلط. في الماضي، كان المسيحيّون يشكّلون أكبر طائفة مسيحية، وتحديدًا الموارنة منهم. وبالاستناد إلى بعض الوثائق التاريخية، والتي على الهامش تخجل من الواقع الحالي، كان للموارنة الدور الريادي التأسيسي والاجتماعي. لكن اليوم، هم فئة مشتّتة منقسمة على نفسها، تقودها مجموعة من الفاشلين وحبّابي المصالح والمتلوّنين أصحاب المواقف الخنوعة. وأداء الزعامات المارونية، العلمانية والدينية، يشهد تراجعًا في الأدوار. منهم من يتمارض ويتقاعس، ومنهم من يتحايل مع سلطات الأمر الواقع، يُساير، يُساوم، يُراوغ، يتبدّل. وهذا الأداء أوصل ما تبقّى من موارنة إلى الهجرة والتهجير، ممّا أدّى إلى تراجع دورهم الوطني. والمؤسف أن القيادتين الروحية والزمنية لم تُعيرا أي اهتمام لخطورة الأوضاع.
يواجه الموارنة اليوم تحديات عدّة، منها تراجع نسبتهم السكانية، وتأثير الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية على واقعهم اليومي، إضافةً إلى تهميش مواقعهم في الدولة، وخسارة الموقع تلو الآخر. وساسة الأمر الواقع، وبالتواطؤ مع رجال دين (بطاركة – مطارنة – كهنة – رهبان)، لا يُعيرون أي اهتمام للموضوع. فالمسيحيّون يُهمَّشون في كل إدارات الدولة... هل تدارك مسؤولو الموارنة، علمانيين ورجال دين، واقعهم المرير؟ هل يعرفون أنّ أعدادهم في الدولة إلى تراجع؟ من المؤسف أن يُصبح الموارنة 21.71%، يليهم الروم الأرثوذكس 2.64%، والملكيون 4.76%، والأرمن الأرثوذكس 2.64%، والأقليات 1.28%. ألا يخجل قادة الأمر الواقع من هذا الواقع؟!
ألم يتساءل بطريرك الموارنة وأساقفته وكهنته ورهبانه أنّ الموارنة يواجهون تحديات وجودية، منها سياسية واقتصادية واجتماعية وديمغرافية كبيرة، وهذا الأمر سيؤثر على وجودهم في الدولة؟ ألم يتساءل بطريرك الموارنة وأساقفته وكهنته ورهبانه عن الضربات القاضية التي تلقتها المارونية مع إصدار مراسيم التجنيس؟ ألم يتساءل بطريرك الموارنة وأساقفته وكهنته ورهبانه عن الأراضي الوقفية المصادرة من قبل مجموعات ميليشياوية، كأراضي عين الحلوة والرشيدية والمية وميّة ومنطقة السان سيمون وأراضي لاسا والجوار؟ ألم يتساءل بطريرك الموارنة وأساقفته وكهنته ورهبانه عن الأمتار المحتلة في البقاع التي سيطرت عليها ميليشيا حزب الله؟ ألم يتساءل بطريرك الموارنة وأساقفته وكهنته ورهبانه عن الحضور المسيحي في إدارات الدولة؟ ألم يتساءل بطريرك الموارنة وأساقفته وكهنته ورهبانه عن نسبة الموظفين المسيحيين في إدارات الدولة، والتي تبلغ حوالي 34.8%، مقابل مجموع الموظفين المسلمين حوالي 73%؟!
ألم يعلم بطريرك الموارنة وأساقفته وكهنته ورهبانه أنّه في العام 1946 كان تملّك المسيحيين للأراضي ما يفوق نسبته 86%، وفقًا لمسح أجرته السلطة المنتدبة في حينه (الفرنسيون)؟ ألم يعلم بطريرك الموارنة وأساقفته وكهنته ورهبانه أنّ واقع اليوم مغاير للأمس، حيث أصبحت نسبة التملّك ما يُقارب 36% من مساحة الأراضي اللبنانية، أي أنّ المسيحيين خسروا ما نسبته 50% من أراضيهم بسبب الجهل السياسي وسوء الإدارة الروحية والسياسية؟! ألم يعلم بطريرك الموارنة وأساقفته وكهنته ورهبانه أنّ النوّاب الموارنة، في أغلبيتهم، يُصدّقون على القوانين ومشاريع القوانين التي تُطرح أمامهم دون قراءتها أو التعمّق في مضامينها؟! ألم يتدارك بطريرك الموارنة وأساقفته وكهنته ورهبانه خطورة ما يحصل؟ وعلى من تقع المسؤولية في تجاوز عقد الاجتماعات لمعالجة هذه المعضلة؟ للتأكيد، كان هناك اجتماعات تُعقد وتضم المؤسسة المارونية للانتشار ورابطة الجامعات والرهبانيات وغيرها من مؤسسات الموارنة، والتي توقفت اجتماعاتها بسبب عدم دعوة البطريركية لتلك الاجتماعات. ألا يحق للرأي العام الماروني طرح سؤال: من الذي أوقف هذه الاجتماعات، وما الغاية من ذلك أمام تراجع المساحة التي كان يتملكها المسيحيون؟
لا جديد في معالجة أوضاع الموارنة، لأنهم محكومون بطبقة علمانية ودينية فاشلة، إذ إن كلا الطرفين لا يزالان يُناوران ويتهربان من المسؤولية، ويُصران على تقديم التنازلات في سبيل أن يبقيا في سدّة المسؤولية. وهذه آفة جد خطيرة. لكن الغريب أنه، في ظل المراوحة والتهرب من المسؤولية، يظهر ما يُشبه التكيّف مع الأمر الواقع (خطر الديمغرافيا – سوء الأداء السياسي والروحي – الإقطاع والإقصاء...)، كلها أمور لا تُعالج من قبل الطرفين. ويبدو أنّ واقع الموارنة بات واقفًا على عتبة الاستسلام والانتظار، حيث إن القيادتين الروحية والسياسية استسلمتا للقدر، وهجرتا مبدأ المعالجة لإعادة وضع الموارنة على ما كانوا عليه.
كل المؤشرات تدل على أنّ الارتباك الحاصل في المرحلة الراهنة مرتبط بعجز القوتين الروحية والسياسية عن اتخاذ القرارات المصيرية وإيجاد الحلول لواقع الموارنة المأزوم، والذي تراكم بفعل هذا الأداء السيئ. ووسط هذا الواقع المأزوم والمتواصل بالانهيار في كل مؤسسات الموارنة الروحية والزمنية، إننا كمواطنين وكموارنة مؤمنين بمارونيتنا ورسالتنا الدينية والوطنية، نخشى من أخطار تداهمنا في حال بقيت الأمور على ما هي عليه. وكي لا نبقى في دوّامة النسيان، وخبره في البداية، لا بد من حملة تنظيف عامة في مؤسساتنا المارونية لإزالة كل هذه التراكمات التي أحدثتها هذه القوى الروحية والسياسية. هل من يقرأ ويستدرك خطورة ما نحن عليه؟!
بسام ضو
Комментарии