top of page

تيّقظوا أيها اللبنانيّون ولا تدعـوا الغريب يقودكم إلى الهلاك كفــى

ree

مارونايت نيوز - لبنان - أيّها اللبنانيّون الشرفاء، أغرقوا الوطن بحساباتهم الشخصية، رهنوا إرادتكم للغرباء، عاثوا الأرض اللبنانية فسادًا، هجّروا خيرة شبابكم إلى الخارج، سعوا جاهدين إلى استجلاب العدو لداخل أرضنا، ساوموا، سايروا، تآمروا، بدّلوا وتبدّلوا، باعوا… كل أفعالهم نزاعات بينهم. المؤامرة تفاقمت وتعاظمت، ولا أحد من الساسة أو من رجال الدين يجرؤ على احتواء هذه الأزمات. الجمهورية اللبنانية (جمهورية العام 1920) في خطر شديد، تعصف بها رياح المؤامرة من كل مكان. صدق من قال ذات يوم: «شعب لبنان إذا انكسر من مصيبة، سببه حكّامه العلمانيون والدينيون».

أيّها اللبنانيّون الشرفاء، حقًا إننا نمرّ بأزمة وعي سياسية – أمنية – اجتماعية، وهي حالة نُعاني منها جميعًا، وبالطبع هي نتيجة نقص في الإدراك والفهم لقضايانا الأساسية والجوهرية، ومنها: السياسية – التمثيل المشوّه – النظام الدكتاتوري – الحالات الاجتماعية غير السليمة – الأوضاع الاقتصادية والمالية – الهجرة – التربية الوطنية. كل هذه العوامل تؤدّي إلى تدهور في قدرة الشعب اللبناني على اتخاذ القرارات السليمة والصحيحة، التي تستظل القوانين المرعية الإجراء والتي تسمح له بالمشاركة الصحيحة والفعّالة في إعادة صياغة مجتمع سياسي مبني على الأُسس الديمقراطية.



أيّها اللبنانيّون الشرفاء، متشعبة أسباب أزمتنا الوطنية، ومردّها ممارسة سياسية يقودها علمانيون ورجال دين غير محترفي السياسة وحتى الأمور الدينية، وغالبًا ما تكون ممارساتهم شبه سطحية وغير مدركة لجوهر الأزمات التي تعصف بالوطن. هناك تسطيح متعمّد من قبل هؤلاء لمقاربة الأمور، وتتجلّى هذه الظاهرة إمّا في تبسيط المفاهيم المعقّدة للأزمة (السيادة المنتقصة – التدخلات الخارجية)، والاكتفاء إمّا بالاعتكاف أو بالتمارض أو بالاطّلاع على معلومات سطحية من دون مقاربتها بالطرق الموضوعية القانونية الدستورية، ممّا يؤدّي إلى تهميش الحل العقلاني. ومنها، على سبيل المثال، مقاربة موضوع السلاح غير الشرعي والتدخل الإيراني في شؤون الدولة اللبنانية. هذان الأمران ناتجان عن نقص التثقيف الوطني لدى الجماعة السياسية، وجهلهم لمبادئ القانون الدولي ومندرجاته، واستجلابهم هذا التدخل من أجل المنافع الخاصة. والأمثلة واضحة، وهي التي أدّت إلى تفاقم الوضع، وها نحن اليوم ندفع الثمن غاليًا، وقد تأتي عناوين بعض الحلول على حساب لبنان ومؤسساته وشعبه (التوطين – قضم أو إعادة رسم خرائط جديدة – التغيير الديمغرافي – هيكلية جديدة للنظام السياسي اللبناني)… كل هذه الحلول المطروحة، في ظل غياب وعي وطني، ستؤدّي إلى تخلّف مجتمعنا اللبناني وقضمه.

أيّها اللبنانيّون الشرفاء، إنّ الأزمة التي نتعرّض لها سويًا ليست وجود نظام سياسي مُفبرك فقط، بل أيضًا أزمة وعي مدمّرة بكل المقاييس، ولها الدور الكبير في تدمير الوعي الوطني وأحلام الشعب اللبناني التوّاق إلى بناء أو إلى استعادة الجمهورية من كنف خاطفيها. من المؤسف حاليًا، لا وعي: سياسي – ديني – فكري – إعلامي. ويقع جزء كبير من مسؤولية رفع الوعي لدى الشعب اللبناني على عاتق رجال سياسة شرفاء، وعلى عاتق رجال دين يُمارسون قولًا وفعلًا ما تضمنته الكتب السماوية. هناك مرحلة دقيقة يضعف فيها الحوار وقبول الرأي الآخر، وهذه آفة مجتمعنا اللبناني المضلَّل. والرائج اليوم، ومع تزامن المطالب العربية والدولية ببسط سلطة الدولة على كامل ترابها الوطني، أنّ هذا الأمر حصل في الماضي عندما اختلفت الآراء في مقاربة موضوع السلاح الفلسطيني وما ترتّب منه من أحداث. وفي الحالة التي نعيشها اليوم، هناك اختلاف في الرأي، وهذا الاختلاف أوصل بعض اللبنانيين إلى نعت إخوتهم بأنهم «عملاء» أو «أعداء». وأصبح الرأي الحر عمالة يهدّد أصحابه بالقتل والإقصاء والمحاكمة!!!

أيّها اللبنانيّون الشرفاء، علينا أن ندرك، من باب الوعي السياسي، أننا في ظل نظام سياسي عفن، وعذرًا من مسؤولي اليوم، فهم توارثوا إمّا عن قصد أو عن عدم إدراك هذه التركة الثقيلة، وللأسف تعايشوا، لا بل تأقلموا معها. وحاليًا هم أمام مأزق سياسي كبير، وأمام أزمة وعي حقيقية لدى من يشاركونهم السلطة. إنّ النظام القائم حاليًا يمرّ بفترة عصيبة، تتسم بأزمات متشعبة، وسبب هذه الأزمات نتيجة ممارسة سياسية عميلة للخارج، تضم ضغوطًا: سياسية – اقتصادية – اجتماعية، تجعل هذا النظام منهكًا وغير قادر على مواكبة التطورات القائمة، في ظل ظروف يشعر فيها أنّ المؤامرة تحاصره، ولا يجد تفسيرًا منطقيًا لكل ما يحدث سوى أنّ هناك قوتين داخلية وخارجية تعبثان بمصير هذا النظام، وبالتالي بمصير الجمهورية والشعب، ممّا يعزّز حالات الإحباط والفوضى والعجز في تطبيق خطاب القسم والبيان الوزاري وبسط سلطة الدولة على كامل ترابها الوطني.

أيّها اللبنانيّون الشرفاء، لا يمكن أن تتحقق السيادة دون تطبيق القانون، ولا يمكن للشعب المناضل الشريف أن يكون مجرد متلقٍّ سلبي لكل ما يحدث. على العكس، دوره الأساسي هو أن يتحلّى بالوعي الكافي لفهم الأحداث وتحليلها، وليس الاستسلام لها. إنّ الوعي السياسي هو الحدث الأهم في مواجهة هذه الفوضى المستشرية منذ سنوات، في مواجهة السلاح غير الشرعي والفساد الأخلاقي – السياسي. وما يحدث اليوم من تظاهرات خير دليل على تلك الفوضى التي ستجلب الويلات للجمهورية.

أيّها اللبنانيّون الشرفاء، الوعي لا يمكن أن يتحقق دون دعم الشرفاء وأصحاب الضمائر السياسية الحية. على فخامة رئيس البلاد، ودولة رئيس مجلس الوزراء، وكل رجل دين مؤمن بالوطن وبسيادته وعزته، أن يأخذوا بعين الاعتبار مطالب القوى الشريفة، وفتح قنوات الحوار والنقاش البنّاء، وأن يقوموا بجهود حقيقية لتوجيه هذا الوعي السياسي وصقل قدراته. والقرار الحر الجريء هو أن يدرك:أولًا – الشعب مدى خطورة الأوضاع في البلاد، والتنبه من خطورتها وتداركها.ثانيًا – نهضة الجمهورية تبدأ من رفع مستوى الوعي عند الشعب، والقضاء على مكامن التضليل الممارَس.ثالثًا – إجراء تعديل حكومي طارئ لمواكبة الأحداث الطارئة، وهذا التعديل ليس انتقاصًا من أي كان، بل هو مُلزم وفق مبادئ العلوم السياسية.

أيّها اللبنانيّون الشرفاء، إنّ وعيكم، واستجابة فخامة الرئيس ودولة الرئيس لـ«تعديل وزاري»، هو السبيل الوحيد للخروج من دوامة هذه الأزمة، لأنّ المواطن الواعي يعرف حقوقه وواجباته، والنظام السياسي واجبه العمل على تحقيق مصالح الشعب بصدق وشفافية. وهذه هي منطلقات العمل السياسي بموجب مبادئ العلوم السياسية.


بسام ضو

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page