top of page

الاستشهاد في الكتاب المقدّس: إكليل الحياة للمؤمنين

ree

مارونايت نيوز - الكتاب المقدّس يقدّم الاستشهاد كأعلى شهادة للإيمان، حيث يثبت المؤمن حتى الموت في محبّته للمسيح. فالمسيح نفسه أوصى تلاميذه قائلاً: «وَلاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا» (متى 10: 28).

المضطهدون من أجل البرّ نالوا الطوبى: «طُوبَى لِلْمُضْطَهَدِينَ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ» (متى 5: 10-12). ويسوع نفسه ذكّر تلاميذه: «إِنْ كَانُوا قَدِ اضْطَهَدُونِي فَسَيَضْطَهِدُونَكُمْ أَيْضًا» (يوحنا 15: 20).

في سفر الأعمال نقرأ استشهاد إسطفانوس، أوّل الشهداء المسيحيين، الذي صلّى حتى لراجميه: «أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ اقْبَلْ رُوحِي» (أعمال 7: 59-60). وفي سفر الرؤيا وعدٌ أكيد: «كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ، فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ» (رؤيا 2: 10).

أما في العهد القديم، فشجاعة الثلاثة الفتية في أتون النار (دانيال 3: 16-18) تشهد على الثبات أمام الموت، وكذلك بطولة الأم وأولادها السبعة في سفر المكابيين الثاني (7) الذين اختاروا الاستشهاد على خيانة الشريعة.

ومع بداية الكنيسة، تحقّقت هذه النبوءات بدماء الشهداء الأوائل. ففي عهد روما، تعرّض المسيحيون الأوائل للاضطهاد العنيف: أُلقي كثيرون للأسود في الكولوسيوم، وأُحرق آخرون أحياء، وصلب بعضهم مثل بطرس الرسول، بينما قُطع رأس بولس الرسول. هؤلاء الشهداء شكّلوا الأساس الصلب لإيمان الكنيسة، إذ أعلنوا أن المحبة للمسيح أقوى من سيف الإمبراطور.

وكما حمل المسيحيون الأوائل صليبهم، هكذا أيضًا شهداؤنا في لبنان قدّموا ذواتهم عن إيمانهم، وعن لبنان الحرّ والمستقل، وعن أهلهم وأولادهم. بذلوا دماءهم حفاظًا على وجودهم في أرضهم المقدّسة، الأرض التي يشهدون فيها لإيمانهم عبر التاريخ، ليبقوا علامة رجاء وصمود في وجه كل اضطهاد.

الاستشهاد إذًا ليس موتًا عاديًا، بل هو شهادة حياة وأمانة حتى النهاية، وإكليل من المجد يناله المؤمنون الأوفياء.


الفرد بارود

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page