بعد الحزب… ماذا؟
- Alfred Baroud الفرد بارود
- 3 days ago
- 2 min read

مارونايت نيوز - لبنان - دولة! هذا هو الجواب الجاهز على كل لسان، من الختيار الذي رأى كل العصور، حتى الممدد على سريره بانتظار يوم الخلاص.لكن أي دولة؟ حرّة، سيّدة، مستقلّة في الشكل والمضمون؟ أم مجرد تبديل في الواجهة، وبقاء نفس المشغل في الكواليس؟
الوجوه التي تُحضَّر اليوم تحت عناوين "لبنان الجديد" و"دولة تحاكي العصر"، هل هي نتاج وعي وطني وتجربة حقيقية، أم صناعة غرف إعلام مأجور، وخصوصاً تلك التي تتوشّح برداء "السياديين"؟هل سقوط الحزب وحده يفتح الطريق نحو الدولة؟ أم أن الخلاف الحقيقي أعمق، في فلسفة الحكم، وفي تعريف الوطن والمواطنة، وفي اختلاف النظرة إلى الهوية والدور والمصير؟
الطبخة الحقيقية لا تُطهى هنا. المطبخ غير لبناني، اليد غير لبنانية، الملعقة غير نظيفة.قوانين ومشاريع قوانين نائمة في أدراج دولة الرئيس نبيه برّي، بعضها كتب في مكاتب سفارات، وبعضها الآخر جاهز للفرض علينا من دون حتى مشاورة من يسمّون أنفسهم ممثلين للشعب.
والوعد هذه المرة أكبر: مال وازدهار بعد زوال الحزب.لكن إذا حصل هذا الازدهار – ولا شيء مضمون – فمقابل ماذا؟هل سنكون كالخاسر على طاولة القمار يبيع أرضه ليكسب جولة إضافية على الرولات؟ما هي الضمانات الفعلية، لا الكلامية، التي يحملها القناصل والسفراء والموفدون؟غير غيمة الكلام الجميل، ماذا نملك بين أيدينا؟هل سيفرح اللبناني بقليل من المال في حسابه مقابل الكثير من التضييق على حريته؟هل سيرقص على أنغام التيكنو العولمية، ويردد أغاني مضادة لصلواته ومعتقداته؟هل سنكرّس الحرية التي استشهد من أجلها آلاف اللبنانيين، فقط لنستيقظ في عبودية مربوطة جنزيرها بقوانين استبدادية تقتحم حياتنا الخاصة باسم "التنظيم" و"التحديث"؟
وفي صباح اليوم التالي لانتهاء الحزب، هل سيكون هناك مخطط فعلي لإنهاء الفساد المزروع في الإدارات، ولتفكيك العصابات التي تتربص بالمؤسسات؟ ما شكل الحل في ملف أموال المودعين؟ وما هو مصير الصناديق والجمعيات التي تنهب أموال الضرائب – أي أموال المواطنين، أي أموال الخزينة؟ هل سيتحوّل لبنان إلى نادٍ للأغنياء فقط، أم أن المواطن البسيط سيكون له مكانه ويعيش بكرامة؟ ومن يضمن ألّا يأخذ "راجح" مكان الحزب؟
ربما سيتدفق المال، وتنهال القروض والمنح والمشاريع الاستثمارية، مع إعادة إعمار ووعود بانفتاح اقتصادي، لكن في المقابل، تُباع المرافئ، وتُخصخص الكهرباء والمياه والاتصالات، وتُفتح الأسواق بلا قيود، ليتحوّل لبنان إلى فرع صغير في شبكة الشركات العابرة للقارات. وربما أيضاً لن يأتي المال أصلاً، وتبقى الوعود فارغة، فيما سلطة جديدة تنفّذ نفس الأوامر التي كانت تنفذها السلطة السابقة، ولكن بلا ذريعة وجود الحزب، فيخسر الأحرار آخر حجة للمواجهة ويجدون أنفسهم أمام دولة عميقة عالمية ترسم القوانين على مقاس مصالحها.
الأحزاب المناهضة للحزب ترفع شعار الدولة، لكن أين الخطة؟ أين النصوص؟ أين الضمانات أن هذه الدولة لن تكون نسخة أكثر انضباطاً من نفس القفص؟هل سنرى دولة تشبهنا… أم دولة تشبه من موّلها؟
ماذا بعد حزب الفقيه؟
الفرد بارود
الصورة: mathias-reding-yfXhqAW5X0c-unsplash
Comments