top of page

حرب الهوية!

ree

مارونايت نيوز - تحت جمر ورماد الحروب المفتوحة في العالم، والتي تغطيها وسائل الإعلام كافة، كلٌّ بأسلوبه، لكن بمضمون موحّد، تبدأ خيوط الحروب غير المنظورة. هل سألتم أنفسكم يومًا: لماذا تنقل جميع محطات الأخبار العالمية الخبر نفسه وكأنها تقرأ من كتاب واحد؟

يُشبه المشهد خدعة الساحر: يحوّل انتباه الجمهور عن الفعل الحقيقي ليُبهرهم بنتيجةٍ لم يروها تتشكّل! هكذا تُمرّر القوانين وتُفرض التغييرات، فتتبدّل القيم وتتغيّر أبسط العادات اليومية للإنسان. قوانين تُعطّل الفكر فلا تعود للتفكير حاجة، تُصاغ بأيادٍ لا تريد الخير للبشر، هدفها قتل روح الإنسان وتحويله إلى كائن مبرمج لا يُسمح له بالمبادرة أو الاختيار. كأننا في مطعم لا يُقدَّم فيه إلا طبقٌ واحد، أو في متجر يبيع بدلة واحدة بلونٍ واحد!

لكن على الشاشات، لا شيء يوحي بهذا. وكأن ما يجري يحدث في مجرةٍ بعيدة!

هذا في العالم…أما في لبنان، فهل يعتقد عاقل أن ما نراه في نشرات الأخبار يختصر حقيقة صراعاتنا؟ إن اعتمدنا مقولة "خذوا أسرارهم من صغارهم"، فإن الدولة اللبنانية، المُدارة بموظفين تابعين للخارج، لا تملك قرارها. هؤلاء ينفذون أجندات لا دور لهم في رسمها، ويُعلنون صراحة عن مشاريع قوانين إذا ما أُقرّت فستكون كارثية على المواطن اللبناني الذي ما زال يتغنى بالحرية.

أما الإعلام، فأكثره يتشدّق بالعولمة. أحد الإعلاميين المعروفين قالها صراحة في مقدّمة نشرة أخبار عام 2023، حين وقفنا أمام توقيتين مختلفين في شهر رمضان: "نحن اخترنا العولمة"...لكن عن أي "نحن" يتحدث؟ أنتم اخترتم العلمنة على حساب هويتنا وتاريخنا وحضارتنا، بل وعلى حساب إيماننا نفسه! أنتم تغيرون العقول والقيم والضمائر.

ماذا يبقى من الهوية إذا تغلغلت العولمة حتى العظم؟ ربما كثيرون يذكرون السجن الكبير الذي فرضته حرب كورونا على البشرية، لكن ذاكرتنا قصيرة، ولا نتعلّم من ما مضى!

يُعيِّنون لنا وزراء ورؤساء بلا رؤية واضحة، بلا برنامج، بلا قبول شعبي… ومع ذلك لا نملك كلمة في ما يُفرض علينا. الإعلام "مكفّى وموفّى"، كأن المطلوب ألا يفكر أحد. ومن يفكر، يصبح غريبًا، يحلق خارج السرب، كنسرٍ وحيد يشحذ مخالبه استعدادًا لمواجهة ما هو آتٍ، من الأقرب قبل الأبعد.


المحامي الفرد بارود

الصورة: sergey-vinogradov-dz4o7hrIaBo-unsplash

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page