في التكوين 17: الله أقام عهده مع إسحق ابن الوعد لا مع إسماعيل ابن الجسد
- مارونايت نيوز
- Aug 21
- 2 min read

مارونايت نيوز - الآية 21 من سفر التكوين تكشف نقطة مفصلية في تاريخ الخلاص: «وَلَكِنْ عَهْدِي أُقِيمُهُ مَعَ إِسْحَاقَ الَّذِي تَلِدُهُ لَكَ سَارَةُ فِي هذَا الْوَقْتِ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ». هنا يحدّد الله أن العهد لن يمرّ عبر إسماعيل، ابن التدبير البشري، بل عبر إسحق، ابن الوعد الإلهي. هذا التمييز بين "الجسد" و"الوعد" شغل فكر آباء الكنيسة الذين قرأوا النص في ضوء المسيح والكنيسة.
إسماعيل: ابن الجسد والعبودية
الآباء رأوا في إسماعيل صورة للولادة الطبيعية المبنية على قوة الإنسان.
القديس أوغسطينوس أوضح أنّ إسماعيل يمثّل الذين يعيشون بحسب الجسد، وأنه يرمز للعبودية الروحية، تمامًا كما قال بولس الرسول في غلاطية (4: 22-31): "إبنا إبراهيم، واحد من الجارية وواحد من الحرّة".
أوريجانوس اعتبر أنّ إسماعيل يشير إلى الذين يكتفون بالختان الجسدي والناموس الحرفي دون الدخول إلى الإيمان الحقيقي.
القديس يوحنا الذهبي الفم شدّد أنّ ولادة إسماعيل كانت ثمرة استعجال بشري، لا ثمرة انتظار لوعد الله.
إسحق: ابن الوعد والحرية
إسحق، المولود من سارة العاقر، أصبح رمزًا واضحًا للنعمة.
القديس إيريناوس رأى فيه صورة للمسيح الذي وُلد بمعجزة، خارج حدود الطبيعة.
القديس كيرلس الأورشليمي ربط بين ضحك سارة عند سماع الوعد وبين الفرح الذي تجلبه ولادة المسيح.
القديس غريغوريوس النيصصي فسّر اسم إسحق (الضحك) كعلامة للفرح الروحي الذي يمنحه الإيمان.
القديس أمبروسيوس أشار إلى أنّ الله اختار إسحق ليعلّم أنّ الخلاص لا يأتي من الجهد البشري بل من وعد النعمة.
الدقة في الوعد الإلهي
القديس باسيليوس الكبير توقّف عند تحديد الله للزمن ("في هذه السنة الآتية")، فاعتبر ذلك برهانًا على أمانة الله في مواعيده، وأنه لا يتراجع عمّا يعد به.
القديس أفرام السرياني قدّم قراءة رمزية: كما أُخرج إسحق من رحم ميت، أقام الله المسيح من بين الأموات، لتكون ولادته علامة مسبقة للقيامة.
البعد المسياني والكنسي
القديس يوستينوس الشهيد شدّد على أنّ نسل إسحق يقود إلى المسيح بالجسد، أي أن العهد مع إسحق هو وعد بالخلاص الآتي.
بولس الرسول فسّر الحدث في غلاطية ليقول إنّ المسيحيين هم "أولاد الموعد مثل إسحق"، بينما الذين يعيشون بحسب الجسد يبقون في العبودية.
خلاصة
التمييز بين إسحق وإسماعيل عند آباء الكنيسة لم يكن مجرّد قصة عائلية، بل إعلان لاهوتي عميق:
إسماعيل يرمز للجسد، للعبودية، وللحياة التي تعتمد على الإنسان.
إسحق يرمز للوعد، للحرية، وللحياة التي تنبثق من النعمة.
بالعهد الذي أقامه الله مع إسحق، أعلن أنّ خط الخلاص سيمرّ عبر نسل الموعد، وصولًا إلى المسيح، حيث يتحقق العهد الجديد في المعمودية والإيمان، لا في الختان الجسدي أو القرابة البشرية.
Comments