لبنان على شفا الانهيار: هل ينقذ نفسه قبل فوات الأوان؟
- Alfred Baroud الفرد بارود
- Aug 7
- 2 min read

مارونايت نيوز - لبنان - لم يعد لبنان دولةً بالمعنى الفعلي للكلمة. ما نشهده اليوم هو كيان معلّق، معطّل، يعيش على فتات المبادرات الخارجية، ويعاني من سلطة بلا قرار، ومن مؤسسات تتآكل يوماً بعد يوم. الأزمة الحالية ليست مجرّد عثرة اقتصادية أو انقسام سياسي. إنها لحظة انهيار شامل يهدد الكيان اللبناني نفسه.
في عمق الأزمة، تكمن دولة غائبة، عاجزة عن الإمساك بزمام الأمور. الحكومة تعمل بمنطق التأجيل: لا تتخذ قرارات إصلاحية، ولا تواجه التحديات الجوهرية، وعلى رأسها سلاح "حزب الله"، الذي بات عاملاً حاسمًا في رسم حدود السلطة ومجالات التحرك. المؤسسات مشلولة، والقرارات تُصنع في أماكن أخرى، لا في مجلس الوزراء.
على الصعيد الاقتصادي، وصل الانهيار إلى حدود غير مسبوقة. الليرة فقدت ما يقارب 98% من قيمتها خلال ثلاث سنوات، والمصارف تحوّلت إلى سجون مغلقة لأموال الناس. أما الفساد، فقد أصبح منظومة حاكمة، تُغذّي استمرار الطبقة السياسية وتحول دون أي إصلاح حقيقي.
في هذا المشهد، يقف "حزب الله" بين ضغطين: داخلياً، بات يواجه اعتراضاً متزايداً حتى في بيئته، بعد أن تراجعت صورته كمقاومة في أعين كثيرين، خصوصاً مع تحوّله إلى طرف في الصراعات الداخلية، وربطه بمشاريع إقليمية لا علاقة لها بلبنان. وخارجياً، تتصاعد الضغوط عليه مع تراجع الدعم الإيراني وتزايد التهديدات الإسرائيلية في الجنوب، ما يضعه أمام تحديات مصيرية.
أما الشعب اللبناني، فقد خسر ثقته بكل ما يحيط به. الهجرة باتت حلم كثيرين، لا سيما بين الشباب، فيما من بقي يرزح تحت أعباء الغلاء وانهيار الخدمات. الاحتجاجات الكبرى خمدت، لكن الغضب لم يختفِ؛ هو موجود، متراكم، يشبه برميل بارود ينتظر شرارة.
أمام هذا الواقع، تلوح في الأفق احتمالات مخيفة. استمرار التدهور قد يقود إلى انفجار اجتماعي، خصوصاً إذا انهارت القطاعات المتبقية كالاستشفاء والتعليم والخدمات. وفي حال قررت الدولة، تحت ضغط دولي، مواجهة السلاح غير الشرعي، فقد تدخل البلاد في مواجهة داخلية دامية. أما السيناريو الأخطر، فهو أن تستمر البلاد في انحدار صامت، دون صخب، حتى تصبح الدولة مجرد اسم بلا مضمون، تتحكم بها جماعات مسلّحة وقوى إقليمية، وتغيب عنها أي سيادة فعلية.
رغم هذا السواد، يبقى السؤال مطروحًا: هل يمكن إنقاذ لبنان؟ البعض يرى في عقد سياسي جديد مخرجًا ممكنًا، يشمل إصلاح النظام الطائفي، وتطبيق العدالة، ونزع سلاح الميليشيات. لكن هذا يتطلب إرادة سياسية صلبة، ودعمًا دوليًا غير متوفرَين اليوم. آخرون يعوّلون على تدخل دولي حاسم، شبيه بما حصل في البوسنة بعد الحرب، لكن الثمن سيكون باهظًا: سيادة مفقودة ومشهد معقّد.
ومع ذلك، لا يزال الوقت متاحًا – وإن كان ضيّقًا. وحده الشعب، إذا قرر المواجهة، قادر على كسر حلقة العجز والارتهان. فإما أن يكتب اللبنانيون مصيرهم بأيديهم، أو يتركوا البلد ينهار أمام أعينهم.
الفرد بارود
Comments